تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٤١٤
والاحصان، العفة، لأنها تحصن النفس عن اللوم والعقاب. والسفاح، الزنا، من السفح، وهو صب المني فإنه الغرض منه.
فما استمتعتم به منهن: فمن تمتعتم به من المنكوحات. أو فما استمتعتم به منهن من جماع أو عقد عليهن.
فآتوهن أجورهن: مهورهن، سمي أجرا لأنه في مقابلة الاستمتاع.
فريضة: حال من الأجور، بمعنى مفروضة، أو صفة مصدر محذوف، اي إيتاء مفروضا. أو مصدر خذف عامله (2)، أي فرض ذلك الايتاء فريضة، ناب عن فعله.
وفي الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن الحسن ابن رباط، عن حريز، عن عبد الرحمان بن أبي عبد الله قال: سمعت أبا حنيفة يسأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن المتعة؟ فقال: أي المتعتين تسأل؟ فقال: سألتك عن متعة الحج، فأنبئني عن متعة النساء هي حق؟ فقال: سبحان الله اما تقرأ كتاب الله؟ " فما استمتعتم به منهن فاتوهن أجور هن فريضة " فقال أبو حنيفة: والله لكأنها آية أقرأها قط (2).
عدة من أصحابنا: عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن المتعة؟ فقال: نزلت في القرآن: " فما استمتعتم به منهن فاتوهن أجورهن فريضة " (3) (4).

(١) من قوله: (مفعول له) إلى هنا مقتبس من تفسير البيضاوي: ج ١ ص ٢١٣، لاحظ تفسيره لآية ٢٤ من سورة النساء.
(٢) الكافي: ج ٥ ص ٤٤٩، أبواب المتعة ح ٦.
(٣) الكافي: ج ٥ ص ٤٤٨، أبواب المتعة ح ١.
(٤) قال في المسالك: اتفق المسلمون على أن هذا النكاح كان سائغا في صدر الاسلام، وفعله الصحابة في زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وزمن أبي بكر وبرهة من ولاية عمر، ثم نهى عنه وادعى أنه منسوخ، وخالفه جماعة من الصحابة، ووافقه قوم وسكت آخرون، وأطبق أهل البيت (عليهم السلام) على بقاء مشروعيته، وأخبارهم فيه بالغة حد التواتر لا تختلف فيه مع كثرة اختلافها في غيره، سيما فيما خالف فيه الجمهور، والقرآن ناطق بشرعيته.
وقد اضطربت رواياتهم في نسخة فروى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن مسعود (رضي الله عنه) قال: كنا نغزوا مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس معنا نساء، فقلنا: ألا نستخصي، فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا بعد أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل، قرأ عبد الله: " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " " لاحظ صحيح مسلم: ج ٢ ص ١٠٢٢ كتاب النكاح باب ٣ نكاح المتعة ح ١١ وفيه: (ألا نستخصي) " وروى الترمذي عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: إنما كانت المتعة في أول الاسلام كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج المرأة بقدر ما ترى أنه يقيم فيحفظ له متاعه وتصلح له شيئه حتى نزلت هذه الآية:
" إلا على أزواجهم أو ما ملكت ايمانهم " " لاحظ صحيح الترمذي: ج ٣ ص ٤٣٠ كتاب النكاح باب ٢٩ ما جاء في تحريم نكاح المتعة، ح ١١٢٢ " ورووا في الصحيحين عن علي (عليه السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر " لاحظ صحيح مسلم: ج ٢ ص ١٠٢٧ كتاب النكاح باب ٣ نكاح المتعة، ح ٢٩ و ٣٠ و ٣١ ٣٢، ورووا عن سلمة بن الأكوع (رضي الله عنه) قال: رخص لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في متعة النساء عام أوطاس ثلاثة أيام، ثم نهى عنها (لاحظ صحيح مسلم: ج ٢ ص ١٠٢٣ كتاب النكاح باب ٣ نكاح المتعة، ح ١٨) ورووا عن سبرة الجهني أنه غزا مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فتح مكة قال: فأقمنا بها خمسة عشر، فأذن لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في متعة النساء ثم لم يخرج حتى نهانا عنا (لاحظ صحيح مسلم: ج ٢ ص ١٠٢٤ كتاب النكاح باب ٣ نكاح المتعة ح ٢٠ و ٢١ و ٢٢ و ٢٣ وغيرها). رواه مسلم ورواه أبو داود وأحمد عنه:
إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجة الوداع نهى عنها (لاحظ سنن أبي داود: ج ٢ ص ٢٢٦، كتاب النكاح، باب في نكاح المتعة، ح 2072).
فتأمل هذا الاختلاف العظيم في رواية نسخها. وأين النهي عنها في خيبر، والاذن فيها في الأوطاس، ثم النهي عنها بعد ثلاثة أيام، مع الحكم بأنها كانت سائغة في أول الاسلام إلى آخر ذلك الحديث المقتضي لطول مدة شرعيتها، ثم الاذن فيها في فتح مكة وهي متأخرة عن الجمع، فلزم على هذا أن تكون شرعت مرارا ونسخت كذلك.
ثم لو كان نسخها حقا لما اشتبه ذلك على الصحابة في زمن خلافة أبي بكر وصدر من خلافة عمر، ثم شاع النهي عنها. وما أحسن ما وجدته في بعض كتب الجمهور: أن رجلا كان يفعلها، فقيل له:
عمن أخذت حلها؟ فقال: عن عمر، فقالوا له: وكيف ذلك وعمر هو الذي نهى عنها وعاقب على فعلها؟! فقال: لقوله: متعتان كانتا على عهد رسول الله حلالا وأنا احرمهما وأعاقب عليهما، متعة الحج ومتعة النساء، فأنا أقبل روايته في شرعيتهما على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا أقبل نهيه من قبل نفسه. (مرآة العقول: ج 3 ط حجري ص 481).
(٤١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 409 410 411 412 413 414 416 417 418 419 420 ... » »»
الفهرست