إملاء ما من به الرحمن - أبو البقاء العكبري - ج ١ - الصفحة ١٥
ملينة وليست ألفا، ومنهم من يجعل الثانية ألفا صحيحا كما فعل ذلك في آدم وآمن، ومنهم من يلين الثانية ويفصل بينها وبين الأولى بالألف، ومنهم من يحقق الهمزتين ويفصل بينهما بألف، ومن العرب من يبدل الأولى هاء ويحقق الثانية، ومنهم من يلين الثانية مع ذلك، ولا يجوز أن يحقق الأولى ويجعل الثانية ألف صحيحا ويفصل بينهما بألف، لأن ذلك جمع بين ألفين، ودخلت همزة الاستفهام هنا للتسوية، وذلك شبيه بالاستفهام لأن المستفهم يستوى عنده الوجود والعدم، فكذلك يفعل من يريد التسوية، ويقع ذلك بعد سواء كهذه الآية، وبعد ليت شعري كقولك: ليت شعري أقام أم قعد، وبعد: لا أبالي، ولا أدري، وأم هذه هي المعادلة لهمزة الاستفهام، ولم ترد المستقبل إلى معنى المضي حتى يحسن معه أمس، فإن دخلت عليها إن الشرطية عاد الفعل إلى أصله من الاستقبال.
قوله تعالى (وعلى سمعهم) السمع في الأصل مصدر سمع، وفى تقديره هنا وجهان: أحدهما أنه استعمل مصدرا على أصله، وفى الكلام حذف تقديره على مواضع سمعهم لأن نفس السمع لا يختم عليه. والثاني أن السمع هنا استعمل بمعنى السامعة وهي الأذن، كما قالوا الغيب بمعنى الغائب، والنجم بمعنى الناجم، واكتفى بالواحد هنا عن الجمع كما قال الشاعر:
بها جيف الحسرى فأما عظامها * فبيض وأما جلدها فصليب يريد جلودها.
قوله تعالى (وعلى أبصارهم غشاوة) يقرأ بالرفع على أنه مبتدأ، وعلى أبصارهم خبره، وفى الجار على هذا ضمير، وعلى قول الأخفش غشاوة مرفوع بالجار كارتفاع الفاعل بالفعل، ولا ضمير في الجار على هذا لارتفاع الظاهرية، والوقف على هذه القراءة على " وعلى سمعهم "، ويقرأ بالنصب بفعل مضمر تقديره وجعل على أبصارهم غشاوة، ولا يجوز أن ينتصب بختم لأنه لا يتعدى بنفسه، ويجوز كسر الغين وفتحها وفيها ثلاث لغات أخر، غشوة بغير ألف بفتح الغين وضمها وكسرها.
قوله تعالى (ولهم عذاب) مبتدأ وخبر أو فاعل عمل فيه الجار على ما ذكرنا قبل، وفى (عظيم) ضمير يرجع على العذاب لأنه صفته.
قوله تعالى (ومن الناس) الواو دخلت هنا للعطف على قوله " الذين يؤمنون
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»
الفهرست