تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٣٦
ولم يكن لبغضائهم أمد، فأنساهم الله ذلك كله حتى تصافوا وعادوا إخوانا * (لو أنفقت ما في الأرض جميعا) * لما أمكنك التأليف * (بين قلوبهم) * وإزالة ضغائن الجاهلية عنهم * (ولكن الله ألف بينهم) * بالاسلام.
* (ومن اتبعك) * الواو بمعنى " مع " وما بعده منصوب، لأن عطف الظاهر المجرور على المكني قبيح، والمعنى: كفاك وكفي متبعيك * (من المؤمنين) * الله ناصرا، أو يكون في محل الرفع أي: كفاك الله وكفاك المؤمنون، وهذه الآية نزلت بالبيداء في غزوة بدر قبل القتال (1).
والتحريض: المبالغة في الحث على الأمر، من الحرض وهو أن ينهكه المرض حتى يشفي (2) على الموت، وهذه عدة من الله بأن الجماعة من المؤمنين إن صبروا غلبوا عشرة أمثالهم من الكفار بتأييد الله * (بأنهم قوم لا يفقهون) * أي:
بسبب أن الكفار جهلة يقاتلون على غير احتساب ثواب كالبهائم.
وعن ابن جريج (3): كان عليهم أن لا يفروا ويثبت الواحد للعشرة، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث حمزة بن عبد المطلب في ثلاثين راكبا، فلقي أبا جهل في ثلاثمائة راكب، فثقل عليهم ذلك وضجوا منه بعد مدة، فنسخ وخفف عنهم بمقاومة الواحد الاثنين (4)، وقرئ: * (ضعفا) * بفتح الضاد وضمها (5)،

(١) انظر الكشاف: ج ٢ ص ٢٣٤.
(٢) أشفي على الشئ: إذا أشرف عليه. (الصحاح: مادة شفي).
(٣) هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي المكي، أصله رومي، مولى بني أمية، روى عن عطاء والزهري وعكرمة وطاووس وغيرهم، كان من فقهاء أهل الحجاز وقرائهم، قال أبو غسان: سمعت جريرا يقول: كان ابن جريج يرى المتعة. توفي سنة 150 ه‍ وهو ابن سبعين سنة. انظر وفيات الأعيان: ج 2 ص 338.
(4) حكاه عنه أبو حيان في البحر المحيط: ج 4 ص 517.
(5) وبالضم قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 308.
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»