تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٢٥١
شئ عنده بمقدار (8) علم الغيب والشهدة الكبير المتعال (9) سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار (10) له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له ومالهم من دونه من وال (11)) * * (بالسيئة قبل الحسنة) * بالعذاب والنقمة قبل الرحمة، بالعافية والإحسان إليهم بالإمهال، وذلك أنهم سألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يأتيهم بالعذاب * (وقد خلت) * أي: وقد مضت * (من قبلهم المثلات) * أي: عقوبات أمثالهم من المكذبين، وسميت العقوبة مثلة لما بين العقاب والمعاقب عليه من المماثلة، وجزاء السيئة سيئة مثلها، ويقال: أمثلت الرجل من صاحبه وأقصصته منه، والمثال: القصاص * (وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم) * أي: مع ظلمهم أنفسهم بالذنوب، ومحله النصب على الحال، بمعنى: ظالمين لأنفسهم.
وعن سعيد بن المسيب (1): لما نزلت هذه الآية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحدا العيش، ولولا وعيد الله وعقابه لاتكل كل واحد " (2).
* (لولا أنزل عليه آية) * لم يعتدوا بالآيات المنزلة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنادا، فاقترحوا نحو آيات موسى وعيسى (عليهما السلام) من انقلاب العصا حية وإحياء الموتى، فقيل: * (إنما أنت) * يا محمد * (منذر) * مخوف لهم من سوء العاقبة، وما عليك

(1) هو سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي القرشي، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، جمع بين الحديث والفقه والزهد، إذ كان يعيش من التجارة بالزيت ولم يأخذ عطاء. وكان قد سمع من الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) وروى عنه، عده الشيخ الطوسي والبرقي أيضا في أصحاب السجاد (عليه السلام). انظر طبقات ابن سعد: ج 5 ص 88، ورجال الخوئي: ج 8 ص 132.
(2) المغني عن حمل الاسفار للعراقي: ج 3 ص 144.
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»