الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٥١٤
نحن بمستيقنين. وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون.
وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين.
ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزؤا وغرتكم الحياة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون. فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين. وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم.
سورة الأحقاف مكية. وهى أربع وثمانون آية بسم الله الرحمن الرحيم.
____________________
ما معنى إن نظن إلا ظنا؟ قلت: أصله تظن ظنا، ومعناه: إثبات الظن فحسب، فأدخل حرفا النفي والاستثناء ليفاد إثبات الظن مع نفى ما سواه وزيد نفى ما سوى الظن توكيدا بقوله (وما نحن بمستيقنين - سيئات ما عملوا) أي قبائح أعمالهم أو عقوبات أعمالهم السيئات كقوله تعالى - وجزاء سيئة سيئة مثلها - (ننساكم) نترككم في العذاب كما تركتم عدة لقاء يومكم هذا وهى الطاعة، أو نجعلكم بمنزلة الشئ المنسى غير المبالي به كما لم تبالوا أنتم بلقاء يومكم ولم تخطروه ببال كالشئ الذي يطرح نسيا منسيا. فإن قلت: ما معنى إضافة اللقاء إلى اليوم؟ قلت: كمعنى إضافة المكر في قوله تعالى - بل مكر الليل والنهار - أي نسيتم لقاء الله في يومكم هذا ولقاء جزائه. وقرئ لا يخرجون بفتح الياء (ولا هم يستعتبون) ولا يطلب منهم أن يعتبوا ربهم: أي يرضوه (فلله الحمد) فاحمدوا الله الذي هو ربكم ورب كل شئ من السماوات والأرض والعالمين، فإن مثل هذه الربوبية العامة يوجب الحمد والثناء على كل مربوب. وكبروه فقد ظهرت آثار كبريائه وعظمته (في السماوات والأرض) وحق مثله أن يكبر ويعظم. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ حم الجاثية ستر الله عورته وسكن روعته يوم الحساب ".
سورة الأحقاف مكية. وهى أربع وثمانون آية، وقيل خمس (بسم الله الرحمن الرحيم)
(٥١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 509 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 ... » »»