الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٣٦٨
إذ تسوروا المحراب * إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال
____________________
من المتحاكمين في صورة الخصم صحت التسمية به. فإن قلت: بم انتصب (إذ)؟ قلت: لا يخلو إما أن ينتصب بأتاك أو بالنبأ أو بمحذوف، فلا يسوغ انتصابه بأتاك لأن إتيان النبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقع إلا في عهده لا في عهد داود ولا بالنبأ، لأن النبأ الواقع في عهد داود لا يصح إتيانه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن أردت بالنبأ القصة في نفسها لم يكن ناصبا فبقى أن يتصب بمحذوف وتقديره: وهل أتاك نبأ تحاكم الخصم، ويجوز أن ينتصب بالخصم لما فيه من معنى الفعل، وأما إذا الثانية فبدل من الأولى (تسوروا المرحاب) تصعدوا سوره ونزلوا إليه والسور الحائط المرتفع ونظيره في الأبنية تسنمه إذا علا سنامه وتذراه إذا علا ذروته. روى أن الله تعالى بعث إليه ملكين فس صورة إنسانين، فطلبا أن يدخلا عليه فوجداه في يوم عبادته، فمنعهما الحرس فتسوروا عليه المحراب فلم يشعر إلا وهما بين يديه جالسان (ففزع منهم) قال ابن عباس: إن داود عليه السلام جزأ زمانه أربعة أجزاء: يوما للعبادة، ويوما للقضاء، ويوما للاشتغال بخواص أموره، ويوما يجمع بني إسرائيل فيعظهم ويبكيهم، فجاءوه في غير يوم القضاء ففزع منهم، ولأنهم نزلوا عليه من فوق وفي يوم الاحتجاب والحرس حوله لا يتركون من يدخل عليه (خصمان) خبر مبتدأ محذوف: أي نحن خصمان (ولا تشطط) ولا تجر، وقرئ ولا تشطط: أي ولا تبعد عن الحق، وقرئ ولا تشطط ولا تشاطط وكلها من معنى الشطط وهو مجاوزة الحد وتخطى الحق، (سواء الصراط) وسطه ومحجته، ضربه مثلا لعين الحق ومحضه (أخي) بدل من هذا أو خبر لإن
(٣٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 368 369 370 371 372 373 ... » »»