الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ١٤١
وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون. حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون.
____________________
على كراسي الذهب، والعلماء على كراسي الفضة وحولهم الناس، وحول الناس الجن والشياطين، وتظله الطير بأجنحتها حتى لا يقع عليه الشمس، وترفع ريح الصبا البساط فتسير به مسيرة شهر، ويروى أنه كان يأمر الريح العاصف تحمله ويأمر الرخاء تسيره، فأوحى الله إليه وهو يسير بين السماء والأرض أنى قد زدت في ملكك لا يتكلم أحد بشئ إلا ألقته الريح في سمعك، فيحكى أنه مر بحراث فقال: لقد أوتى آل داود ملكا عظيما، فألقته الريح في أذنه، فنزل ومشى إلى الحراث وقال: إنما مشيت إليك لئلا تتمنى ما لا تقدر عليه، ثم قال: لتسبيحة واحدة يقبلها الله خر مما أوتى آل داود (يوزعون) يحبس أولهم على آخرهم أي توقف سلاف العسكر حتى تلحقهم التوالي فيكونوا مجتمعين لا يتخلف منهم أحد وذلك لكثرة العظيمة. قيل هو واد بالشام كثير النمل. فإن قلت:
لم عدى أتوا بعلى؟ قلت: يتوجه على معنيين: أحدهما أن إتياتهم كان من فوق فأتى بحرف الاستعلاء كما قال أبو الطيب: * ولشد ما قربت عليك الأنجم * لما كان قربا من فوق، والثاني أن يراد قطع الوادي وبلوغ آخره من قولهم أتى على الشئ إذا أنفذه وبلغ آخره، كأنهم أرادوا أن ينزلوا عند منقطع الوادي لأنهم ما دامت الريح تحملهم في الهواء لا يخاف حطمهم. وقرئ: نملة، يا أيها النمل، بضم الميم وبضم النون والميم، وكان الأصل النمل بوزن الرجل والنمل الذي عليه الاستعمال تخفيف عنه كقولهم السبع في السبع. قيل كانت تمشى وهى عرجاء تتكاوس فنادت: يا أيها النمل، الآية فسمع سليمان كلامها من ثلاثة أميال. وقيل كان اسمها طاخية. وعن قتادة أنه دخل الكوفة فالتف عليه الناس فقال: سلوا عما شئتم، وكان أبو حنيفة رحمه الله حاضرا وهو
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»