الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ١٢٤
فعقروها فأصبحوا نادمين. فأخذهم العذاب إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين.
وإن ربك لهو العزيز الرحيم. كذبت قوم لوط المرسلين. إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون. إني لكم رسول أمين. فاتقوا الله وأطيعون. وما أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين. أتأتون الذكران من العالمين. وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون.
____________________
فيقولون أترضين؟ فتقول نعم، وكذلك صبيانهم، فإن قلت: لم أخذهم العذاب وقد ندموا؟ قلت: لم يكن ندمهم ندم تائبين ولكن ندم خائفين أن يعاقبوا على العقر عقابا عاجلا كمن يرى في بعض الأمر رأيا فاسدا ويبنى عليه ثم يندم ويتحسر كندامة الكسعي، أو ندموا ندم تائبين ولكن في غير وقت التوبة وذلك عند معاينة العذاب، وقال الله تعالى - وليست التوبة للذين يعملون السيئات - الآية. وقيل كانت ندامتهم على ترك الولد وهو بعيد.
واللام في العذاب إشارة إلى عذاب يوم عظيم. أراد بالعالمين الناس: أي أتأتون من بين أولاد آدم عليه السلام على فرط كثرتهم وتفاوت أجناسهم وغلبة إناثهم على ذكورهم في الكثرة ذكرانهم كأن الإناث قد أعوزتكم، أو أتأتون أتنم من بين من عداكم من العالمين الذكران: يعنى أنكم يا قوم لوط وحدكم مختصون بهذه الفاحشة والعالمون على هذا القول كل ما ينكح من الحيوان (من أزواجكم) يصلح أن يكون تبيينا لما خلق وأن يكون للتبعيض، ويراد بما خلق العضو المباح منهن. وفى قراءة ابن مسعود ما أصلح لكم ربكم من أزواجكم وكأنهم كانوا يفعلون مثل ذلك بنسائهم. العادي المتعدى في ظلمه المتجاوز فيه الحد، ومعناه: أترتكبون هذه المعصية على عظمها بل أنتم قوم عادون في جميع المعاصي، فهذا من جملة ذاك، أو بل أنتم قوم أحقاء بأن توصفوا بالعدوان حيث ارتكبتم مثل هذه
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»