الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ١٣٥
هدى وبشرى للمؤمنين. الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون.
____________________
قد خط فيه كسل ما هو كائن فهو يبينه للناظرين فيه إبانة، وإما السورة، وإما القرآن. وإبانتهما أنهما يبينان ما أو دعاه من العلوم والحكم والشرائع وأن إعجازها ظاهر مكشوف، وإضافة الآيات إلى القرآن والكتاب المبين على سبيل التفخيم لها والتعظيم، لأن المضاف إلى العظيم يعظم بالإضافة إليه. فإن قلت: لم نكر الكتاب المبين؟ قلت: ليبهم بالتنكير فيكون أفخم له كقوله تعالى - في مقعد صدق عند مليك مقتدر - فإن قلت: ما وجه عطفه على القرآن إذا أريد به القرآن. قلت: كما تعطف إحدى الصفتين على الأخرى في نحو قولك هذا فعل السخي والجواد الكريم، لأن القرآن هو المنزل المبارك المصدق لما بين يديه، فكان حكمه حكم الصفات المستقلة بالمدح، فكأنه قيل: تلك الآيات آيات المنزل المبارك آي كتاب مبين. وقرأ ابن أبي عبلة وكتاب مبين بالرفع على تقدير: وآيات كتاب مبين فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. فإن قلت: ما الفرق بين هذا وبين قوله - الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين -؟ قلت: لا فرق بينهما إلا ما بين المعطوف والمعطوف عليه من التقدم والتأخر، وذلك على ضربين: ضرب جار مجرى التثنية لا يترجح فيه جانب على جانب، وضرب فيه ترجح، فالأول نحو قوله تعالى - وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا - ومنه ما نحن بصدده، والثاني نحو قوله تعالى - شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم - (هدى وبشرى) في محل النصب أو الرفع، فالنصب على الحال: أي هادية ومبشرة، والعامل فيها ما في تلك من معنى الإشارة، والرفع على ثلاثة أوجه: على هي هدى وبشرى، وعلى البدل من الآيات، وعلى أن يكون خبرا بعد خبر: أي جمعت أنها آيات وأنها هدى وبشرى، والمعنى في كونها هدى للمؤمنين أنها زائدة في هداهم قال الله تعالى - فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا - فإن قلت: (وهم بالآخرة هم يوقنون) كيف يتصل بما قبله؟
قلت: يحتمل أن يكون من جملة صلة الموصول، ويحتمل أن تتم الصلة عنده ويكون جملة اعتراضية كأنه قيل:
وهؤلاء الذين يؤمنون ويعملون الصالحات من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة هم الموقنون بالآخرة وهو الوجه، ويدل عليه أنه عقد جملة ابتدائية وكرر فيها المبتدأ الذي هو هم حتى صار معناها وما يوقن بالآخرة حق الإيقان إلا هؤلاء
(١٣٥)
مفاتيح البحث: الزكاة (1)، الصّلاة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»