التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٢٢
الله بما تعملون خبيرا " أي عالما نافعا لكم لا يخفى عليه شئ منها، ثم قال له قل لهم " بل ظننتم ان لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم ابدا " أي ظننتم انهم لا يرجعون ويقتلون ويصطلمون. وهو قول قتادة " وزين ذلك في قلوبكم " زينه الشيطان ذلك وسوله لكم " وظننتم ظن السوء " في هلاك النبي والمؤمنين، وإن الله ينصر عليهم المشركين " وكنتم قوما بورا " والبور الفاسد وهو معنى الجمع وترك جمعه في اللفظ لأنه مصدر وصف به قال حسان:
لا ينفع الطول من نوك القلوب * وقد يهدي الا له سبيل المعشر (1) البور والبوار الهلاك وبارت السلعة إذا كسدت والبائر من الفاكهة مثل الفاسدة. وقال قتادة " بورا " أي فاسدين. وقال مجاهد: هالكين. ثم قال تعالى مهددا لهم " ومن لم يؤمن بالله ورسوله " أي لم يصدق بهما " فانا اعتدنا للكافرين سعيرا " أي نارا تسعرهم وتحرقهم. ثم قال " ولله ملك السماوات والأرض " بأن يتصرف فيهما كما يشاء لا يعترض أحد عليه فيها " يغفر لمن يشاء " معاصيه (ويعذب من يشاء) إذا استحق العقاب بارتكاب القبائح (وكان الله غفورا رحيما) أي ساترا على عباده معاصيهم إذا تابوا لا يفصحهم بها رحيما باسقاط عقابهم الذي استحقوها بالتوبة على وجه الابتداء.
ثم قال تعالى (سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها) يعني غنائم خيبر (ذرونا نتبعكم) أي اتركونا نجئ معكم، فقال الله تعالى (يريدون أن يبدلوا كلام الله قل) لهم يا محمد (لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل) قال مجاهد وقتادة: يعني ما وعد به أهل الحديبية أن غنيمة خيبر لهم خاصة، فأرادوا تغيير ذلك بأن يشاركوهم فيها فمنعهم الله من ذلك. وقال ابن زيد: أراد بقوله

(1) تفسير الطبري 26 / 45
(٣٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 ... » »»
الفهرست