التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٢٥
أحدهما - إنه تنازع في اقتضائها داعيا يدعو هؤلاء المخلفين غير النبي صلى الله عليه وآله ويبين أن الداعي لهم في ما بعد كان النبي صلى الله عليه وآله على ما حكيناه عن قتادة وسعيد ابن جبير في أن الآية نزلت في أهل خبير، وكان النبي صلى الله عليه وآله هو الداعي إلى ذلك.
والآخر - ان يسلم ان الداعي غيره، ونبين انه لم يكن أبا بكر ولا عمر بل كان أمير المؤمنين عليه السلام.
فاما الوجه الأول فظاهر، لان قوله (سيقول لك المخلفون) إلى قوله (وكنتم قوما بورا) قد بينا انه أراد به الذين تخلفوا عن الحديبية باجماع المفسرين ثم قال (سيقول المخلفون إذا انطلقتم...) إلى آخر الآية، فبين أن هؤلاء المخلفين سألوا ان يخرجوا إلى غنيمة خيبر فمنعهم الله من ذلك، وأمر نبيه صلى الله عليه وآله ان يقول لهم (قل لن تتبعونا...) إلى هذه القرية، لان الله تعالى حكم من قبل بأن غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية وانه لاحظ فيها لمن لم يشهدها، وهذا هو معنى قوله (يريدون أن يبدلوا كلام الله) وقوله (كذلك قال الله من قبل) ثم قال (قل للمخلفين من الاعراب ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون) وإنما أراد الرسول سيدعوهم في ما بعد إلى قتال قوم بهذه الصفة، وقد دعاهم بعد ذلك إلى غزوات كثيرة. وقال قوم: أولي بأس شديد، كموقعه حنين وتبوك وغيرها، فمن أين يجب أن يكون الداعي لهم غير النبي صلى الله عليه وآله فأما قولهم إن معنى قوله (كذلكم قال الله من قبل) هو انه أراد قوله (فان رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا) مملوء بالغلط الفاحش في التاريخ، لأنا قد بينا أن هذه الآية التي في التوبة نزلت ب‍ (تبوك) سنة تسع. وآية سورة الفتح نزلت سنة ست، فكيف تكون قبلها، وينبغي لمن تكلم في تأويل القرآن أن يرجع إلى التاريخ ويراعي أسباب نزول
(٣٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 ... » »»
الفهرست