التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤٨٢
وهو قول ضمرة بن حبيب، قال البلخي: المعنى إن ما يهب الله لمؤمني الجن من الحور العين لم يطمثهن جان، وما يهب الله لمؤمني الانس لم يطمثهن إنس قبلهم، على أن هذا مبالغة. وقال ضمرة بن حبيب في: الآية دلالة على أن للجن ثوابا فالإنسيات للانس والجنيات للجن (فبأي آلاء ربكما تكذبان) قد مضى تفسيره.
وقوله (كأنهن الياقوت والمرجان) قال الحسن: هن على صفاء الياقوت في بياض المرجان. وقيل: كالياقوت في الحسن والصفاء والنور. وقال الحسن:
المرجان أشد اللؤلؤ بياضا وهو صغاره (فبأي آلاء ربكما تكذبان) قد بيناه.
وقوله (هل جزاء الاحسان إلا الاحسان) معناه ليس جزاء من فعل الاعمال الحسنة وأنعم على غيره إلا أن ينعم عليه بالثواب ويحسن إليه (فبأي آلاء ربكما تكذبان) قد مضى بيانه.
وقوله (ومن دونهما جنتان) معناه إن من دون الجنتين اللتين ذكرنا (لمن خاف مقام ربه) جنتين أخرتين دون الأولتين، وإنهما أقرب إلى قصره ومجالسه في قصره ليتضاعف له السرور بالتنقل من جنة إلى جنة على ما هو معروف في طبع البشرية من شهوة مثل ذلك. ومعنى (دون) مكان قريب من الشئ بالإضافة إلى غيره، مما ليس له مثل قربه، وهو ظرف مكان، وإنما كان التنقل من جهة إلى جهة أنفع، لأنه أبعد من الملل على ما طبع عليه البشر، لان من الأشياء مالا يمل لغلبة محبته على النفس بالامر اللازم، ومنها ما يمل لتطلع النفس إلى غيره، ثم الرجوع إليه.
وقوله (مدها متان) معناه خضراوتان تضرب خضرتهما إلى السواد من الري على أتم ما يكون من الحسن، لان الله شوق اليهما ووعد المطيعين في خوف مقامه بها، فناهيك بحسن صفتهما وما يقتضيه ذكرهما في موضعهما. وقال ابن عباس
(٤٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 477 478 479 480 481 482 483 484 485 486 487 ... » »»
الفهرست