التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤٩٣
الجنة وثوابها، فإنهم على سرر موضونة متقابلين، اخبر انه " يطوف عليهم ولدان " يعني صبيان " مخلدون " فالطوف الزور بالتنقل في المكان، ومنه الطائف الذي يطوف بالبلد على وجه الحرس. والولدان جمع وليد. ومخلدون قال مجاهد معناه باقون لهم لا يموتون. وقال الحسن: معناه انهم على حالة واحد لا يهرمون، يقال:
رجل مخلد اي باق زمانا أسود اللحية لا يشيب وقال الفراء: معناه مقرطون والخلد القرط. والأكواب جمع كوب وهي أباريق واسعة الرؤوس بلا خراطيم - في قول قتادة - قال الأعشى:
صليفية طيبا طعمها * لها زبد بين كوب ودن (1) والأباريق التي لها عرى وخراطيم واحدها إبريق و " كأس من معين " اي يطوفون عليهم أيضا بكأس من خمر معين ظاهر للعيون جار " لا يصدعون عنها " اي لا يلحقهم الصداع من شربها " ولا ينزفون " اي لا تنزف عقولهم بمعنى لا تذهب بالسكر - في قول مجاهد وقتادة والضحاك - ومن قرأ " ينزفون " بالكسر، وهو حمزة والكسائي وخلف، حمله على أنه لا تفنى خمرهم قال الابرد:
لعمري لئن أنزفتم أو صحوتم * لبئس الندامى كنتم آل أبجرا (2) وقوله " وفاكهة مما يتخيرون " أي ويطاف عليهم بفاكهة مما يختارونه ومما يشتهونه، وينعمون بفاكهة مما يشتهونه. وقوله " ولحم طير مما يشتهون " أي ويطاف عليهم أو ينعمون بلحم طير مما يشتهون. وقوله " وحور عين " من رفعه حمله على معنى ولهم فيها حور عين، لأنهن لا يطاف بهن وإنما يطاف بالكأس. ومن جر فعلى معنى وينعمون بحور عين أو يحصلون في معانقة حور عين. والحور جمع حوراء والحور نقاء البياض من كل شائب يجري مجرى الوسخ. وقوله " كأمثال اللؤلؤ "

(1) مر في 9 / 216 (2) مر في 8 / 496
(٤٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 ... » »»
الفهرست