التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤١٥
والأرض) واخترعوها فلذلك لا يقرون بالله أنه خالقهم. ثم قال تعالى (بل لا يوقنون) بان لهم إلها يستحق العبادة وحده ولا يقرون بأنك نبي من جهة الله.
وقوله (أم عندهم خزائن ربك) معناه أعندهم خزائن نعمة ربك وخزائن الله مقدوراته، لأنه يقدر من كل جنس على ما لا نهاية له فشبه ذلك بالخزائن التي تجمع أشياء مختلفة. والمعنى كأنه قال: أعندهم خزائن رحمة ربك فقد أمنوا أن تجئ الأمور على خلاف ما يحبون " أم هم المسيطرون " على الناس فليس عليهم مسيطر ولا لهم ملزم ومقوم، فالمسيطر الملزم غيره امرا من الأمور قهرا، وهو مأخوذ من السطر يقال: سيطر يسيطر سيطرة، وهو (فيعل) من السيطرة، ونظيره بيطر بيطرة.
وقيل: المسيطر الملك القاهر. وقيل: هو الجبار المتسلط، ومنه قوله " لست عليهم بمسيطر " (1) يقولون: سيطر علي أي اتخذني خولا، وقال أبو عبيدة: المسيطرون الأرباب، والمسيطر والمبيقر والمبيطر والمهيمن والكميت أسماء جاءت مصغرة لا نظير لها. وقرأ قتادة " بمسيطر " بفتح الطاء، بمعنى لست عليهم بمسلط. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر والكسائي " المسيطرون " بالسين. الباقون بالصاد إلا أن حمزة يشم الصاد زايا.
وقوله " أم لهم سلم يستمعون فيه " فالسلم مرتقى إلى العلو من مشيد الدرجة مرتقى إلى علو من بناء مصمت. ويقال: جعلت فلانا سلما لحاجتي أي سببا.
وقال ابن مقبل:
لا يحرز المروء احجاء البلاد ولا * تبنى له في السماوات السلاليم (2) فكأنه قيل أم يستمعون الوحي من السماء، فقد وثقوا بما هو عليه وردوا

(١) سورة ٨٨ الغاشية آية ٢٢ (٢) تفسير الطبري ٢٧ / ١٩ ومجاز القرآن 2 / 234
(٤١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 410 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 ... » »»
الفهرست