التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤٠٤
(دعا) ولم يعده الباقون.
قوله (يوم تمور السماء مورا) يعني يوم القيامة، وهو متعلق بقوله (إن عذاب ربك لواقع.. يوم تمور السماء مورا) والمور تردد الشئ بالذهاب والمجيئ كما يتردد الدخان ثم يضمحل، مار يمور مورا فهو مائر. وقيل: يمور مورا بمعنى يدور دورا - في قول مجاهد - وقال الضحاك: معناه يموج موجا قال الأعشى انشده أبو عبيدة:
كان مشيتها من بيت جارتها * مور السحابة لا ريث ولا عجل (1) ورواه غيره مر السحابة (وتسير الجبال سيرا فويل يومئذ للمكذبين) الذين ينكرون اخبار الله تعالى فهؤلاء الجهال أنكروا ما اخبر به الأنبياء بأن نسبوه إلى الكذب (الذين هم في خوض يلعبون) فالخوض الدخول في الماء بالقدم وشبه به الدخول في الامر بالقول، يقال خاض يخوض خوضا، فهو خائض.
وخوضه في الشراب تخويضا، ومنه المخوض. واللعب طلب الفرح بمثل حال الصبي في انتفاء العمل على مقتضى العقل، لعب لعبا فهو لاعب، ودخلت الفاء في (فويل) لما فيه من معنى الجزاء، لان تقديره إذا كان كذا وكذا فويل، ومعنى الآية إني سأعلمهم بكفرهم وتصير عاقبتهم العذاب.
وقوله (يوم يدعون إلى نار جهنم دعا) معناه يوم يدعون إلى نار جهنم للعذاب فيها، دعه يدعه دعا إذا دفعه. ومثله صكه يصكه صكا، والداع الدافع وقيل: الدع الدفع بانزعاج وإرهاق - في قول قتادة والضحاك -.
وقوله (هذه النار التي كنتم بها تكذبون) أي يقال لهم على وجه التوبيخ:
هذه النار التي كنتم تكذبون بها في دار التكليف حين جحدتم الثواب والعقاب

(١) ديوان الأعشى ١٤٤ ومجاز القرآن 2 / 231
(٤٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 ... » »»
الفهرست