التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤١٢
الثالث - لا يعرف دعاء الغنم وهو برها من سوقها.
ثم قال تعالى للنبي صلى الله عليه وآله (فذكر) يا محمد أي اعظ هؤلاء المكلفين (فما أنت بنعمة ربك) قسم من الله تعالى بنعمته (بكاهن ولا مجنون) على ما يرمونك به. وقال البلخي: معناه ما أنت بنعمة الله عليك بكاهن، ولا يلزم أن يكون الله تعالى لم ينعم على الكاهن، لان الله تعالى قد عم على جميع خلقه بالنعم وإن كان ما أنعم به على النبي أكثر، وقد مكن الله الكاهن وسائر الكفار من الايمان به، وذلك نعمة عليه. فالكاهن الذي يذكر انه يخبر عن الجن على طريق العزائم، والكهانة صنعة الكاهن، والكاهن الموهم انه يعلم الغيب بطريق خدمة الجن والمجنون المؤف بما يغطي على عقله حتى لا يدرك به في حال يقظة، وقد علموا أنه ليس بشاعر، كما علموا أنه ليس بمجنون، لكن قالوا ذلك على جهة التكذيب عليه ليستريحوا إلى ذلك كما يستريح السفهاء إلى التكذب على أعدائهم.
ثم قال (أم) ومعناه بل (يقولون شاعر نتربص به ريب المنون) قال مجاهد: ريب المنون حوادث الدهر. وقال ابن عباس وقتادة: الموت، والمنون المنية، وريبها الحوادث التي تريب عند مجيئها وقال الشاعر:
تربص بها ريب المنون لعلها * سيهلك عنها بعلها وشحيح (1) قوله تعالى:
(قل تربصوا فاني معكم من المتربصين (31) أم تأمرهم أحلامهم بهذا أم هم قوم طاغون (32) أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون (33) فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين (34) أم

(1) تفسير الطبري 27 / 17
(٤١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 ... » »»
الفهرست