التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤١٨
يدبره لأوليائه على أعدائه ليقهروهم ويستعلوا عليهم بالقتل والأسر. وقال الزجاج: معناه أيريدون بكفرهم وطغيانهم كيدا، فالله تعالى يكيدهم بالعذاب في الدنيا والآخرة.
وقوله " أم لهم إله غير الله " أي على حقيقية معنى الإلهية وهو القادر على ما تحق به العبادة فلذلك عبدوه؟! فإنهم لا يقدرون على دعوى ذلك. ثم نزه نفسه فقال " سبحان الله عما يشركون " من ادعاء آلهة معه من الأصنام والأوثان.
وقوله " وإن يروا كسفا من السماء ساقطا " فالكسف جمع كسفة كقولك:
سدر وسدرة، وهو جواب قولهم " أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا " (1) فقال الله تعالى لو سقط عليهم ما آمنوا ولقالوا (سحاب مركوم) والكسف القطعة من الغيم بقدر ما يكسف ضوء الشمس. والكسف من السماء القطعة منها. والسحاب الغيم سمي بذلك لانسحابه في السماء، والمركوم الموضوع بعضه على بعض. وكل الأمور المذكورة بعد (أم) إلزامات لعبدة الأوثان على مخالفة القرآن، ثم قال تعالى للنبي صلى الله عليه وآله " فذرهم " أي اتركهم " حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون " أي يهلكون فيه بوقوع الصاعقة عليهم. وقيل: الصعقة هي النفخة الأولى التي يهلك عندها جميع الخلائق، ثم وصف ذلك اليوم بأن قال " يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا " أي لا ينفعهم كيدهم وحيلتهم ولا تدفع عنهم شيئا، لان جميعه يبطل " وهم لا ينصرون " بالدفاع عنهم. والفرق بين الغنى بالشئ والغنى عنه أن الغنى عنه يوجب أن وجوده وعدمه سواء في أن الموصوف غني، وليس كذلك الغنى به، لأنه يبطل أن يكون الموصوف غنيا. والغنى هو الحي الذي ليس بمحتاج، وليس بهذه الصفة إلا الله تعالى. ومعنى " لا يغني عنهم " أي لا يصرف عنهم شيئا من

(1) سورة 17 الاسرى آية 92
(٤١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 ... » »»
الفهرست