التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤٢٢
عن الله تعالى، ومنه قوله " فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعيشا " (1) وقوله " وأوحى ربك إلى النحل " (2) أي ألهمها مراشدها، وهو راجع إلى ما قلناه من إلقاء المعنى إلى النفس في خفى.
وقوله " علمه شديد القوى " في نفسه وعلمه. والقوة هي القدرة. وقد تستعمل القوة بمعنى الشدة التي هي صلابة العقد كقوى الحبل.
وقوله " ذو مرة " صفة لجبرائيل عليه السلام أي صاحب مرة، وهي القوة.
واصل المرة شدة الفتل، وهو ظاهر في الحبل الذي يستمر به الفتل حتى ينتهي إلى ما يصعب به الحل. ثم تجري المرة على القدرة، لأنه يتمكن بها من الفعل، كما يتمكن من الفعل بالآلة، فالمرة والقوة والشدة نظائر. وقوله " فاستوى " معناه استولى بعظم القوة، فكأنه استوت له الأمور بالقوة على التدبير. ومنه قوله " استوى على العرش " (3) أي استولى عليه بالسلطان والقهر. وقال ابن عباس وقتادة: معنى " ذو مرة " ذو صحة بخلق حسن. وقال مجاهد وسفيان وابن زيد والربيع: ذو قوة، وهو جبرائيل. والمرة واحدة المرر، ومنه قوله عليه السلام (لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي) وقيل " فاستوى " جبرائيل ومحمد عليهما السلام " بالأفق الاعلى " أي سماء الدنيا عند المعراج. وقيل في " هو " قولان:
أحدهما - انه مبتدأ وخبره في موضع الحال، وتقديره ذو مرة فاستوى في حال كونه بالأفق الاعلى.
الثاني - إنه معطوف على الضمير في (استوى) وحسن ذلك كي لا يتكرر

(1) سورة 19 مريم آية 10 (2) سورة 16 النحل آية 68 (3) سورة 7 الأعراف آية 53 وسورة 10 يونس آية 3 وسورة 13 الرعد آية 2 وسورة 25 الفرقان 59 وسورة 32 ألم السجدة آية 4 وسورة 57 الحديد آية 4
(٤٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 ... » »»
الفهرست