التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٦٤
الوريد في القرب في أني أعلم به. وقيل: معناه أقرب إليه بما يدركه من حبل الوريد لو كان مدركا. وقيل: ونحن أملك به من حبل الوريد في الاستيلاء عليه، وذلك أن حبل الوريد في حيز غير حيزه. والله تعالى مدرك له بنفسه ومالك له بنفسه.
وقوله " إذ يتلقى المتلقيان " (إذ) متعلقة بقوله " ونحن أقرب إليه " حين يتلقى المتلقيان، يعني الملكين الموكلين بالانسان " عن اليمين وعن الشمال قعيد " أي عن يمينه وعن شماله. وإنما وحد " قعيد " لاحد وجهين:
أحدهما - إنه حذف من الأول لدلالة الثاني عليه، كما قال الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما * عندك راض والرأي مختلف (1) أي نحن بما عندنا راضون، فتقدير الآية عن اليمين قعيد، وعن الشماء قعيد الثاني - إنه يكون القعيد على لفظ الواحد، ويصلح للاثنين والجمع كالرسول لأنه من صفات المبالغة، وفيه معنى المصدر، كأنه قيل: ذو المراقبة. وقال مجاهد:
القعيد الرصيد. وقيل: عن اليمين ملك يكتب الحسنات، وعن الشمال ملك يكتب السيئات - في قول الحسن ومجاهد - وقال الحسن: حتى إذا مات طويت صحيفة عمله وقيل له يوم القيامة " إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا " (2) فقد عدل - والله - عليه من جعله حسيب نفسه. وقال الحسن: الحفظة أربعة: ملكان بالنهار وملكان بالليل.
وقوله " ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد " أي لا يتكلم بشئ من القول إلا وعنده حافظ يحفظ عليه، فالرقيب الحافظ والعتيد المعد للزوم الامر.
وقوله " وجاءت سكرة الموت بالحق " قيل في معناه قولان:
أحدهما - جاءت السكرة بالحق من أمر الآخرة حتى عرفه صاحبه واضطر إليه

(1) مر في 1 / 172، 203، 263 و 5 / 246، 289 و 8 / 457 (2) سورة 17 الاسرى آية 14
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»
الفهرست