التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٥٣
وزيد في تعظيمه وتبجيله، وكذلك الأب والابن لو استويا في الفضل في الدين لقدم الأب، وكذلك السيد وعبده. وهذا مما لا خلاف فيه بين العقلاء، وكذلك لو أن رجلين استويا في الدين ثم كان أحدهما له قرابة برسول الله أو بالخيار الصالحين لوجب أن يقدم المتصل برسول الله وبالصالح، ويزاد إكرامه في تعظيمه وتبجيله، وكذلك إذا استويا وكان في آباء أحدهما أنبياء ثلاثة وأربعة، وكان في آباء الآخر نبي واحد كان الأول مستحقا للتقديم، وكذلك لو كان لأحدهم أب نبي إلا أنه من الأنبياء المتقدمين، وكان أبو الآخر هو النبي الذي بعث الينا كان الثاني أعظم حقا وأحق بالتقديم، وكذلك لو كان أحدهما له آباء معروفون بالفضل والأخلاق الجميلة والافعال الشريفة وبالوقار وبالنجدة والأدب والعلم كانت الطبايع مبنية على تقديمه على الآخر. فان قيل: الطبائع مبنية على تقديم ذوي المال فيجب أن يكون الغنى وكثرة المال شرفا. قلنا: كذلك هو لا ننكر هذا ولا ندفعه. فان قيل:
إذا كان لأحدهما مال لا يبذل، والآخر قليل المال يبذل قدر ما يملكه من الحقوق ويضعه في مواضعه؟ قلنا الباذل أفضل من الذي لا يبذل. وإنما تكلمنا في الرجلين إذا استويا في خصالهما وفضل أحدهما كثرة المال وكان واضعا له في موضعه باذلاله في حقوقه وكذلك لو أن رجلا كان ذا حسب وشرف في آبائه إلا أنه كان فاسقا أو سخيفا أو وضيعا في نفسه كان الذي لا حسب له وهو عفيف نبيل أفضل منه بالأوصاف التي لا تخفى. وكان حسب ذلك السخيف مما يزيده وبالا، ومعنى الحسب أنه يحسب لنفسه آباء أشرافا فضلا، وعمومة وأخوة - انتهى كلام البلخي -.
وقوله " إن الله عليم خبير " يعني بمن يعمل طاعاته ويتقي معاصيه " خبير "
(٣٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 ... » »»
الفهرست