التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٥٤
بذلك لا يخفى عليه شئ من ذلك. ثم وصف المؤمنين الذين تقدم ذكرهم فقال " أولئك هم الصادقون " على الحقيقة الذين يستحقون ثواب الله تعالى.
قوله تعالى:
(قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شئ عليم (16) يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هديكم للايمان إن كنتم صادقين (17) إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون) (18) ثلاث آيات.
قرأ ابن كثير وحده " بما يعملون " بالياء على الغيبة. الباقون بالتاء على الخطاب.
يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله " قل " لهؤلاء الكفار " أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شئ عليم " فالتعليم تعريض من لا يعلم حتى يعلم بافهام المعنى أو خلق العلم له في قلبه، فعلى هذا لا يجوز ان يعلم العالم لنفسه الذي يعلم المعلومات كلها بنفسه، ولا يحتاج إلى من يعلمه ولا إلى علم يعلم به، كما أنه من يكون قديما بنفسه استغنى عن موجد يوجده، وإنما يحتاج إلى التعليم من يجوز أن يعلم وألا يعلم، ومن يخفى عليه شئ دون شئ، ففي الآية دلالة على أن العالم بكل وجه لا يجوز ان يعلم. والمعني بالآية هم الذين ذكرهم في الآية الأولى وبين أنهم منافقون لقول الله لهم " أتعلمون الله بدينكم " إنا آمنا بالله وبرسوله، وهو تعالى يعلم منكم خلاف ذلك من الكفر والنفاق، فلفظه لفظ الاستفهام والمراد
(٣٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 ... » »»
الفهرست