التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٥٨
أي يبعد عندنا أن نبعث بعد الموت، لان ذلك غير ممكن، فقال الله تعالى " قد علمنا ما تنقص الأرض منهم " أي علمنا الذي تأكل الأرض من لحومهم، لا يخفى علينا شئ منه " وعندنا كتاب حفيظ " أي ممتنع الذهاب بالبلى والدروس، كل ذلك ثابت فيه ولا يخفى منه شئ وهو اللوح المحفوظ ثم قال " بل كذبوا بالحق لما جاءهم " يعني بالنبي والقرآن الذي جاء به دالا على صدقه، وبالبعث والنشور، الذي أنذرهم به فهم في أمر مريج أي مختلط ملتبس واصله ارسال الشئ مع غيره في المرج من قولهم: مرج الخيل الذكور مع الإناث وهو مرج بالخيل أي المسرح الذي يمرج فيه، و " مرج البحرين " أرسلهما في مرج " يلتقيان " ولا يختلطان.
قوله " من مارج من نار " أي مرسل الشعاع بانتشاره. قال أبو ذؤيب فحالت فالتمست به حشاها * فخر كأنه غصن مريج (1) أي قد التبس بكثرة تشعبه ومرجت عهودهم وأمرجوها أي خلطوها، ولم يفوا بها. وقال أبو عبيدة: مرج أمر الناس إذا اختلط، قال أبو ذؤيب (فخر كأنه خوط مريج) أي سهم مختلط الامر باضطرابه، فهؤلاء الكفار حصلوا في أمر مختلط ملتبس من أمر النبي صلى الله عليه وآله، فقالوا تارة هو مجنون وأخرى هو كاهن وأخرى هو شاعر، فلم يثبتوا على شئ واحد، فلذلك كانوا في أمر مريج.
قوله تعالى:
(أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج (6) والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج (7) تبصرة وذكرى لكل عبد

(1) الطبري 26 / 86 وروايته (فحط كأنه حوط مريج)
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 ... » »»
الفهرست