التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١٣٢
ولا عما تأخر.
ثم وصف تعالى القرآن بأنه " تنزيل من حكيم حميد " فالحكيم هو الذي افعاله كلها حكمة فيكون من صفات الفعل، ويكون بمعنى العالم بجميع الأشياء واحكامها فيكون من صفات الذات. و (الحميد) هو المحمود الذي يستحق الحمد والشكر على جميع افعاله لان افعاله كلها نعمة يجب بها الشكر.
وقوله " ما يقال لك الا ما قد قيل للرسل من قبلك " قيل في معناه أقوال:
أحدها - من الدعاء إلى الحق في عبادة الله تعالى ولزوم طاعته.
والثاني - ما حكاه تعالى بعده من " ان ربك لذو مغفرة وذو عقاب اليم " فيكون على جهة الوعد والوعيد.
والثالث - قال قتادة والسدي: وهو تعزية للنبي صلى الله عليه وآله بأن ما يقول لك المشركون مثل ما قال من قبلهم من الكفار لأنبيائهم من التكذيب والجحد لنبوتهم.
وقوله " إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب اليم " أي وقد يفعل العقاب بالعصاة من الكفار قطعا ومن الفساق على تجويز عقابهم، فلا ينبغي ان يغتروا ويجب عليهم أن يتحرزوا بترك المعاصي وفعل الطاعات.
ثم قال تعالى " ولو جعلناه " يعني الذكر الذي قدم ذكره " قرآنا أعجميا " أي مجموعا بلغة العجم، يقال: رجل أعجمي إذا كان لا يفصح وإن كان عربي النسب، وعجمي إذا كان من ولد العجم وإن كان فصيحا بالعربية. قال أبو علي:
يجوز ان يقال: رجل أعجمي يراد به أعجم بغير ياء كما يقال: أحمري واحمر، ودواري ودوار " قالوا لولا فصلت آياته " ومعناه هلا فصلت آياته وميزت. وقالوا " أعجمي وعربي " أي، قالوا القرآن أعجمي ومحمد عربي - ذكره سعيد بن جبير - وقال السدي: قالوا أعجمي وقوم عرب. ومن قرأ على الخبر حمله على أنهم يقولون ذلك
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»
الفهرست