التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١٣٥
يقول الله تعالى " من عمل صالحا " أي فعل افعلا هي طاعة " فلنفسه " لان ثوابه واصل إليه، وهو المنتفع به دون غيره " ومن أساء " يعني فعالا فعلا قبيحا، من الإساءة إلى غيره أو غيرها " فعليها " أي فعلى نفسه لان وبال ذلك وعقابه يلحقه دون غيره.
ثم قال تعالى على وجه النفي عن نفسه مالا يليق به من فعل القبيح والتمدح به " وما ربك " أي وليس ربك " بظلام للعبيد " وإنما قال (بظلام) على وجه المبالغة في نفي الظلم عن نفسه مع أنه لا يفعل مثقال ذرة لامرين:
أحدهما - انه لو فعل فاعل الظلم، وهو غير محتاج إليه مع علمه بقبحه وبأنه غني لكان ظلاما، وما هو تعالى بهذه القصة لأنه غني عالم.
الثاني - إنه على طريق الجواب لمن زعم أنه يفعل ظلم العباد. فقال: ما هو بهذه الصفة التي يتوهمها الجهال، فيأخذ أحدا بذنب غيره، والظلام هو الفاعل لما هو من أفحش الظلم. والظالم من فعل الظلم، وظالم صفة ذم، وكذلك قولنا فاعل الظلم هما سواء، وكذلك آثم فاعل الاثم، وسيئ فاعل الإساءة.
وقوله " إليه يرد علم الساعة " معناه إليه يرد علم الساعة التي يقع فيها الجزاء للمطيع والعاصي فاحذروها قبل ان تأني، كما يرد إليه علم إخراج الثمار وما يكون من الأولاد والنتاج، فذاك غائب عنكم وهذا مشاهد لكم، وقد دل عليه ولزم، وكل من سئل متى قيام الساعة؟ وجب أن يقول: الله تعالى العالم به حتى يكون قد رده إلى الله " وما يخرج من ثمرة من أكمامها " معناه وعنده علم ذلك. وأكمام الثمرة وعائها الذي تكون فيه. وقيل: الآكمام جمع كمة، وهو الطرف المحيط بالشئ. وقال الحسن: الآكمام - ههنا - ليف النخيل. وقيل: من أكمامها معناه خروج الطلع من قشره " وما تحمل من أنثى وما تضع إلا بعلمه " أي وعنده
(١٣٥)
مفاتيح البحث: الظلم (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست