التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١١٦
الحسن بالنصب على تقدير هدينا ثمود هديناهم، والرفع أجود، لان (اما) لا يقع بعدها إلا الأسماء، فالنصب ضعيف. والمعنى واما ثمود دللناهم على طريق الرشاد فعدلوا عنها إلى طريق الغي والفساد، والهدي يتصرف على وجوه بيناها في ما مضى. وقال ابن عباس وقتادة والسدي وابن زيد: معناه بينا لهم، وإنما لم يصرف ثمود لأنه اسم القبيلة أو الأمة، وهو معرفة. وإنما رفع لان (أما) رفع الاسم بعدها أولى.
وقوله (فاستحبوا العمى على الهدى) معناه اختاروا العمى على طريق الحق والاهتداء إليها وبئس الاختيار ذلك - وهو قول الحسن.
وفى الآية دلالة على بطلان قول المجبرة في أن الله يضل الكفار عن الدين ولا يهديهم إليه لأنه صرح بأنه هدى ثمود إلى الدين وانهم اختاروا العمى على الهدى، وذلك واضح لا اشكال فيه. وقوله (فاخذتهم صاعقة العذاب الهون) أي ارسل عليهم الصاعقة التي بعثها للعذاب دون غيره، والهون والهوان واحد - في قول أبي عبيدة - وقال السدي: معناه الهوان (بما كانوا يكسبون) أي جزاء على ما كسبوه من الشرك والكفر.
وقوله (ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون) اخبار من الله تعالى انه خلص من جملتهم من آمن بالله واتقى معاصيه خوفا من عقابه نجاهم الله من ذلك العذاب.
ثم قال تعالى (ويوم يحشر أعداء الله) يبعثون وهو يوم القيامة. فمن قرأ بالنون فعلى الاخبار من الله عن نفسه بذلك. ومن قرأ بالياء المضمومة فعلى انهم يبعثون ويجمعون إلى النار (فهم يوزعون) أي يمنعون من التفرق ويحبسون ويكفون، يقال: وزعت الرجل إذا منعته، ومنه قول الحسن لابد للناس من وزعة وقوله (أوزعني) أي الهمني. وقول الشاعر:
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»
الفهرست