التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١١٥
وأن لا يشركوا به شيئا وانهم كفروا بذلك وجحدوه. واخبر انه أهلكهم بأن أرسل عليهم ريحا صرصرا أي شديدا صوته واشتقاقه من الصرير ولذلك ضوعف اللفظ اشعارا بمضاعفة المعنى، يقال صريصر صريرا، وصرصر يصرصر صرصرة وريح صرصر شديد هبوبها. وقال قتادة: يعني باردة وقال السدي: باردة ذات صوت. وقال مجاهد: شديدة السموم. وقيل: أصله صرر قلبت الراء صادا، كما قيل: رده، ورد ده، ونههه ونهنهه. وقال رؤية:
فاليوم قد نهنهني تنهنهي * وأولى حلم ليس بالمتقه (1) وكما قيل: كففه وكفكفه، قال النابغة:
اكفكف عبرة غلبت عبراتي * إذا نهنتها عادت ذباحا (2) ومنه سمي نهر صرصر لصوت الماء الجاري فيه، وقوله (في أيام نحسات) قال مجاهد وقتادة والسدي: يعني مشومات، والنحس سبب الشر، والسعد سبب الخير، وبذلك سميت سعود الأيام ونحوسها وسعود النجوم ونحوستها، ومن سكن الحاء خففه، ومن جرها فعلى الأصل.
وقال أبو عبيدة: معناه أيام ذات نحوس أي مشائيم العذاب.
وقوله (لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا) إخبار منه تعالى انه إنما يفعل بهم ذلك ليذيقهم حال الهوان في الدنيا، والخزي الهوان الذي يستحيا منه خوفا من الفضيحة، يقال: خزي يخزي خزيا وأخزاه الله إخزاء فهو مخزي.
ثم بين تعالى ان عذاب الآخرة أخزى وأفضح من ذلك فقال (ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون) أي لا يدفع عنهم العذاب الذي ينزل بهم.
ثم قال تعالى (واما ثمود فهديناهم) فالذي عليه القراء رفع الدال، وقرأ

(1) تفسير الطبري 24 / 59، 60 (2) تفسير الطبري 24 / 59، 60
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست