التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١١٣
صاعقة) أي خوفتكم إياها ان ينزل بكم كما نزل بمن قبلكم ونصب (صاعقة) على أنه مفعول ثان (مثل صاعقة عاد وثمود) التي أرسلها الله عليهم وأهلكهم بها، فقال السدي: الصاعقة أراد بها العذاب، وقال قتادة: معناه وقيعة. وقيل:
إن عادا أهلكت بالريح والصاعقة جميعا. وقوله (إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم) ف‍ (إذ) متعلقة بقوله (صاعقة) أي نزلت بهم إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم، منهم من تقدم زمانه ومنهم من تأخر عنه، وقال الفراء:
أتت الرسل إياهم ومن كان قبلهم ومن خلفهم أي وجاءتهم أنفسهم رسل من بعد أولئك الرسل فيكون الهاء والميم في خلفهم للرسل، ويكون لهم بجعل ما خلفهم ما معهم. وقال قوم: معناه قبلهم وبعد أن بلغوا وتعبدوا بأمر الرسل الذين تقدموهم، قال البلخي: ويجوز أن يكون المراد أتتهم اخبار الرسل من ههنا وههنا مع ما جاءهم منهم (ألا تعبدوا إلا الله) أي أرسلناهم بأن لا يعبدوا إلا الله وحده لا شريك له وألا يشركوا بعبادته غيره، فقال المشركون عند ذلك (لو شاء ربنا) أن نؤمن ونخلع الأنداد " لا نزل ملائكة " يدعوننا إلى ذلك ولم يبعث بشرا مثلنا، فكأنهم انفوا من الانقياد لبشر مثلهم وجهلوا أن الله يبعث الأنبياء على ما يعلم من مصالح عباده ويعلم من يصلح للقيام بها وقالوا لهم أيضا (إنا) معاشر قومنا (بما أرسلتم به) من إخلاص العبادة والتوحيد (كافرون) جاحدون، ثم فصل تعالى اخبارهم فقال (فاما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق) أي تجبروا وعتوا وتكبروا على الله بغير حق جعله الله لهم بل للكفر المحض والظلم الصراح (وقالوا من أشد منا قوة) لما كان الله تعالى أعطاهم من فضله قوة تقوى بها على أهل زمانهم، فقال الله تعالى (أو لم يروا) (ج 9 م 15 التبيان)
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست