التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٩١
يرجعون (27) قالت يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم (29) إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم (30) ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين) * (31) خمس آيات بلا خلاف.
لما سمع سليمان ما اعتذر به الهدهد في تأخره بما قصه الله تعالى وذكرناه قال عند ذلك " سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين " في قولك الذي أخبرتنا به فأجازيك بحسب ذلك. وإنما لم يقل: أصدقت أم كذبت، وقال: أم كنت من الكاذبين، لأنه أليق في الخطاب، لأنه قد يكون من الكاذبين بالميل إليهم وقد يكون منهم بالقرابة التي بينه وبينهم. وقد يكون منهم بأن يكذب كما كذبوا ومثل ذلك في الخطاب ولينه قولهم: ليس الامر على ما تقول، فهو ألين من كذبت، لأنه قد يكون ليس كما تقول من جهة الغلط الذي لا يوصف بالصدق ولا بالكذب.
ثم أمر سليمان الهدهد بأن يذهب بكتابه الذي كتبه له وأشار إليه بقوله " هذا فألقه إليهم ثم تولى عنهم فانظر ماذا يرجعون " وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، وتقديره فالقه إليهم فانظر ماذا يرجعون، ثم تولا عنهم، وهذا لا يحتاج إليه، لان الكلام صحيح على ما هو عليه من الترتيب. والمعنى فألقه إليهم ثم تول عنهم قريبا منهم، فانظر ماذا يرجعون - على ما قال وهب بن منية وغيره - فإنهم قالوا معنى " تول عنهم استتر عنهم، وفي الكلام حذف، لان تقديره فمضى الهدهد بالكتاب. وألقاه إليهم، فلما رأته قالت لقومها " يا أيها الملاء " وهم أشراف أصحابها " إني ألقي إلي كتاب كريم " ومعنى كريم أنه حقيق بأن
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست