التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٥٨٣
قرأ عاصم إلا هيبرة وخلف وحمزة " قال فالحق " بالرفع " والحق " بالنصب.
الباقون بالنصب فيهما، من رفع تقديره فأنا الحق، ويجوز على تقدير فالحق لأملأن كما تقول: عزيمة صادقة لآتينك، ويجوز على تقدير حذف الخبر، وتقديره:
فالحق مني لأملأن. ومن نصب فعلى فالحق لأملأن على القسم، كما تقول: والله لأفعلن، ويجوز في مثله حقا لأملأن، ويكون (والحق أقول) اعتراضا بين الكلامين، ويجوز أن يكون النصب على تقدير اتبعوا الحق، أو أقول الحق. وقال أبو علي: من نصب (الحق) الأول فعلى اضمار (فعل) نحو ما ظهر في قوله " ليحق الحق " (1) وفي قوله " ويحق الله الحق " (2).
لما حكى تعالى ما قال لإبليس على وجه الانكار عليه " استكبرت أم كنت من العالين " حكى ما أجاب به إبليس، فإنه قال " انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين " وقيل إن الله تعالى خلق الملائكة من الريح فسموا بذلك روحانيبن، وخلق آدم من الطين وخلق إبليس من النار، فظن إبليس إن النار أشرف من الطين لما فيها من النور، ولما يكون بها من الانضاح لأكثر ما يحتاج إليه ومن الاحراق الذي يقع به الزجر من العقاب فدخلت عليه الشبهة بهذا، وظن أنه أفضل منه من حيث كان أصله أفضل من أصل آدم، وكيف يجوز أن يفضل آدم عليه السلام عليه. وهذا يدل على أن السجود لآدم كان على وجه التفضيل له على جميع من أمر بالسجود له، وإلا لم يكن يمتنع من ذلك، ولم يعلم إبليس أن الله تعالى إنما أمرهم بالسجود لآدم عبادة له، وإن كان تفضيلا لآدم وإن لهم في ذلك لطفا في تكليفهم فلذلك أمرهم الله بالسجود له، ولو أنعم النظر في ذلك لزالت شبهته. فقال

(1) سورة 8 الأنفال آية 8 (2) سورة 10 يونس آية 82
(٥٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 576 577 578 579 580 581 582 583 584 585 586 » »»
الفهرست