التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٥٤
الخطأ عليه.
واخبر أيضا أنه قال لهم " فاتقوا الله " واجتنبوا معاصيه " وأطيعون " فيما أمركم به وأدعوكم إليه ولست أسألكم على ما اؤديه إليكم وأدعوكم إليه، أجرا، ولا ثوابا، لأنه ليس أجري إلا على الله الذي خلق العالمين، وإنما حكى الله تعالى دعوة الأنبياء بصيغة واحدة، ولفظ واحد إشعارا بأن الحق الذي يأتي به الرسل، ويدعون إليه واحد من اتقاء الله تعالى واجتناب معاصيه واخلاص عبادته، وطاعة رسله، وأن أنبياء الله لا يكونون إلا أمناء لله، وانه لا يجوز على واحد منهم أن يأخذ الاجر على رسالته، لما في ذلك من التنفير عن قبول قولهم، والمصير إليه إلى تصديقهم. ثم قال لهم منكرا عليهم " أتأتون الذكران من العالمين "؟! يعني من جملة الخلائق " وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم " أي وتتركون ما خلقه لكم من الأزواج والنساء، وتذرون استغني في ماضيه ب‍ (ترك) ولا يستعمل إلا في ضرورة الشعر. والزوجة المرأة التي وقع عليها العقد بالنكاح الصحيح، يقال: زوجة وزوج، قال الله تعالى " أسكن أنت وزوجك الجنة " (1).
ثم قال لهم منكرا عليهم " بل أنتم قوم عادون " أي خارجون عن الحق بعيدون عنه. والعادي والظالم والجائر نظائر، والعادي من العدوان.
وقد يكون من العدو، وهو الاسراع في السعي، فقال له قومه في جوابه " لئن لم تنته " وترجع عما تقوله " يا لوط " وتدعونا إليه وتنهانا عنه " لتكونن من المخرجين " أي نخرجك من بيننا وعن بلدنا. فقال لهم لوط عند ذلك " إني لعملكم من القالين " يعني من المبغضين: قلاه يقليه إذا أبغضه.

(1) سورة 2 البقرة آية 35
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست