التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤٩٠
يقول لهم " أحشروا الذين ظلموا " أنفسهم بارتكاب المعاصي بمعنى اجمعوهم من كل جهة، فالكفار يحشرون من قبورهم إلى أرض الموقف للجزاء والحساب، ثم يساق الظالمون مع ما كانوا يعبدون من الأوثان والطواغيت إلى النار وكذلك أزواجهم الذين كانوا على مثل حالهم من الكفر والضلال وقال ابن عباس ومجاهد وابن زيد: معنى " وأزواجهم " أشباههم، وهو من قوله " وكنتم أزواجا ثلاثة " (1) أي اشكالا واشباها. وقال قتادة:
معناه وأشياعهم من الكفار. وقيل: من الاتباع. وقال الحسن: يعني " وأزواجهم " المشركات. وقيل: اتباعهم على الكفر من نسائهم.
وقوله " فاهدوهم إلى صراط الجحيم " إنما عبر عن ذلك بالهداية من حيث كان بدلا من الهداية إلى الجنة، كما قال " فبشرهم بعذاب اليم " (2) لهذه العلة من حيث إن البشارة بالعذاب الأليم وقعت لهم بدلا من البشارة بالنعيم، يقال: هديته الطريق أي دللته عليها وأهديت الهدية.
ثم حكى الله تعالى ما يقوله للملائكة الموكلين بهم فإنه يقول لهم " وقفوهم " أي قفوا هؤلاء الكفار أي احبسوهم " انهم مسؤولون " عما كلفهم الله في الدنيا من عمل الطاعات واجتناب المعاصي هل فعلوا ما أمروا به أم لا؟ على وجه التقرير لهم والتبكيت دون الاستعلام، يقال: وقفت انا ووقفت الدابة بغير الف. وبعض بني تميم يقولون: أوقفت الدابة والدار. وزعم الكسائي انه سمع ما أوقفك ههنا، وانشد الفراء:
ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا * وإن نحن أومأنا إلى الناس أوقفوا بألف. ويقال لهم أيضا على وجه التبكيت " ما لكم " معاشر الكفار

(1) سورة 56 الواقعة آية 7 (2) سورة 3 آل عمران آية 21
(٤٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 485 486 487 488 489 490 491 492 493 494 495 ... » »»
الفهرست