التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤٩١
" لا تناصرون " بمعنى لا تتناصرون، ولذلك شدد بعضهم التاء، ومن لم يشدد حذف إحداهما، والمعنى لم لا يدفع بعضكم عن بعض ان قدرتم عليه.
ثم قال تعالى انهم لا يقدرون على التناصر والتدافع لكن " هم اليوم مستسلمون " ومعنا مسترسلون مستحدثون يقال: استسلم استسلاما إذا القي بيده غير منازع في ما يراد منه. وقيل: معناه مسترسلون لما لا يستطيعون له دفعا ولا منه امتناعا.
وقوله " واقبل بعضهم على بعض يتساءلون " اخبار منه تعالى إن كل واحد من الكفار يقبل على صاحبه الذي أغواه على وجه التأنيب والتضعيف له يسأله لم غررتني؟ ويقول ذاك لم قبلت مني.
وقوله " قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين " حكاية ما يقول الكفار لمن قبلوا منهم إنكم: كنتم تأتوننا من جهة النصيحة واليمن والبركة، فلذلك اغتررنا بكم والعرب تتيمن بما جاء من جهة اليمين. وقال الفراء: معناه إنكم كنتم تأتوننا من قبل اليمين، فتخدعوننا من أقوى الوجوه. واليمين القوة ومنه قوله " فراغ عليهم ضربا باليمين " (1) أي بالقوة ثم حكى ما يقول أولئك لهم في جواب ذلك: ليس الامر على ما قلتم بل لم تكونوا مصدقين بالله ولم يكن لنا عليكم في ترك الحق من سلطان ولا قدرة فلا تسقطوا اللوم عن أنفسكم فإنه لازم لكم ولا حق بكم. وقال قتادة: أقبل الانس على الجن يتساءلون بأن كنتم أنتم معاشر الكفار قوما طاغين أي باغين، تجاوزتم الحد إلى أفحش الظلم، واصله تجاوز الحد في العظم ومنه قوله " إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية " (2) وطغيانهم كفرهم بالله، لأنهم تجاوزوا في ذلك الحد.

(1) آية 93 من هذه السورة (2) سورة 69 الحاقة آية 11
(٤٩١)
مفاتيح البحث: الظلم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 486 487 488 489 490 491 492 493 494 495 496 ... » »»
الفهرست