التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤٦٦
قال * (يتفيؤ ظلاله) * (1) وقال أبو عبيدة: هو جمع الظل أظلال.
يقول الله تعالى مخبرا * (ونفخ في الصور) * وقيل: إن الصور قرن ينفخ فيه إسرافيل فيخرج من جوفه صوت عظيم يميل العباد إليه، لأنه كالداعي لهم إلى نفسه. وقال أبو عبيدة: الصور جمع صورة مثل بسرة وبسر، ولو جعلوه مثل (ظلمة، وظلم) لقالوا: صور بفتح الواو، وهو مشتق من الميل، صاره يصوره صورا إذا أماله ومنه قوله * (فصرهن إليك) * (2) أي أملهن إليك ومنه الصورة، لأنها تميل إلى مثلها بالمشاكلة. وقوله * (فإذا هم من الأجداث) * وهو جمع جدث، وهو القبر، فلغة أهل العالية بالثاء، ولغة أهل السافلة بالفاء يقولون: جدف إلى ربهم ينسلون أي يسرعون والنسول الاسراع في الخروج كما قال الشاعر:
عسلان الذئب أمسى قاربا * برد الليل عليه فنسل (3) يقال: نسل ينسل وينسل نسولا، قال امرؤ القيس:
وإن تك قد ساءتك مني خليقة * فسلي ثيابي من ثيابك تنسل (4) وقال قتادة: الموتة بين النفختين. ثم حكى ما يقول الخلائق إذا حشروا، فإنهم * (يقولون يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا) * أي من حشرنا من منامنا الذي كنا فيه نياما، ثم يقولون * (هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون) * في ما أخبرونا عن هذا المقام وعن هذا البعث. فان قيل: هذا ينافي قول المسلمين الذين يقولون: الكافر يعذب في قبره، لأنه لو كان معذبا لما كان في المنام!.
قيل: يحتمل أن يكون العذاب في القبر ولا يتصل إلى يوم البعث، فتكون النومة

(1) سورة 16 النحل آية 48 (2) سورة 2 البقرة آية 260 (3) مر في 7 / 279 (4) مر في 7 / 279
(٤٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 461 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 ... » »»
الفهرست