التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤١٣
عن طريق الحق إلى الضلال. وإنما قال " هل من خالق غير الله " وإن كان أحدنا يخلق الشئ لأن هذه الصفة لا تطلق إلا عليه تعالى، فاما غيره فإنها تقيد له. وأيضا فقد فسر ما أراد وهو أنه هل من خالق رازق للخلق من السماوات والأرض غير الله أي لا خالق على هذه الصفة إلا هو. هذا صحيح لأنه لا أحد يقدر على أن يرزق غيره من السماء والأرض بالمطر والنبات وأنواع الثمار.
ثم قال تعالى تعزية للنبي صلى الله عليه وآله وتسلية له عن تكذيب قومه إياه " وإن يكذبوك " يا محمد هؤلاء الكفار " فقد كذبت رسل من قبلك " أرسلهم الله فكذبوهم ولم يقبلوا منهم فلك أسوة بمن كان قبلك " وإلى الله ترجع الأمور " يعني ترد الأمور إلى حيث لا يملك التصرف فيها مطلقا غير الله يوم القيامة.
ثم خاطب الخلق فقال " يا أيها الناس إن وعد الله حق " يعني ما وعدهم به من البعث والنشور والجنة والنار صحيح كائن لا محالة " فلا تغرنكم الحياة الدنيا " فتغترون بملاذها وزينتها وتتركون ما أمركم الله به وترتكبون ما نهاكم عنه * (ولا يغرنكم بالله الغرور) * فالغرور هو الذي عادته ان يغر غيره، والدنيا وزينتها بهذه الصفة، لان الخلق يغترون بها، وقال الحسن الغرور الشيطان الذي هو إبليس، وهو قول مجاهد. والرزق يطلق على وجهين:
أحدهما - ان الله جعله يصلح للغذاء يتغذى به الحيوان وللملبس يلبسونه فالعباد من هذا الوجه لا يأكلون ولا ينتفعون إلا بما جعله الله رزقا لهم.
والثاني - انه ملكه الله وحكم انه له فهم يتظالمون من هذا الوجه.
(٤١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 ... » »»
الفهرست