التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤١٢
صفات فلذلك ترك صرفها قال الشاعر:
ولكنما أهلي بواد أنيسه * ذئاب تبغي الناس مثنى وموحد (1) وإنما جعلهم أولي أجنحة، ليتمكنوا بها من العروج إلى السماء ومن النزول إلى الأرض، قال قتادة: منهم من له جناحان، ومنهم من له ثلاثة ومنهم من له أربعة، ثم قال " يزيد في الخلق ما يشاء " قيل حسن الصوت وقيل من الأجنحة من حيث خلق للملائكة زيادة عما خلق لسائر الخلق من البشر والأمم. فان قيل: الطائر لا يحتاج إلى أكثر من جناحين فما معنى خلق الملائكة أولي ثلاث وأربع؟ قيل: يجوز أن يكون كل جناح بعلوه باثنين، ويجوز أن يكون للزينة الزائدة، وقد يكون للسمكة أجنحة في ظهرها. ثم بين " أن الله على كل شئ قدير " أي لا شئ إلا وهو تعالى قادر عليه بعينه أو قادر على مثله.
ثم قال تعالى " ما يفتح الله للناس من رحمة " معنى (ما) الذي وتقديره الذي يفتح الله للناس من نعمة ورحمة " فلا ممسك لها وما يمسك " من نعمة على خلقه " فلا مرسل له من بعده " أي من بعد الله " وهو العزيز " يعني القادر الذي لا يقهر " الحكيم " في جميع افعاله، إن أنعم وإن امسك، لأنه عالم بمصالح خلقه لا يفعل إلا ما لهم فيه مصلحة في دينهم أو دنياهم.
ثم خاطب المؤمنين فقال " يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم " بأن خلقكم وأوجدكم وأحياكم وأقدركم وشهاكم، وخلق لكم المنافع التي تنتفعون بها " هل من خالق غير الله " تقريرا لهم على أنه لا خالق غير الله في السماوات والأرض " يرزقكم من السماء " بالمطر ومن " الأرض " بالنبات " لا إله إلا هو " أي لا معبود يستحق العبادة سواه تعالى " فأنى تؤفكون " أي كيف تقلبون

(1) الكتاب ليبويه 2 / 15
(٤١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 ... » »»
الفهرست