التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤٠٩
وقال رؤبة:
اقحمني جارابي الجاموش * إليك نأش القدر المنؤش (1) * (وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد) * معناه كيف تقبل توبتهم أو يردون إلى الدنيا، وقد كفروا بالله ورسله من قبل ذلك، وهو قوله * (بالغيب من مكان بعيد) * يعني قولهم هو ساحر وهو شاعر وهو مجنون.
وقيل: هو قولهم لا بعث ولا جنة ولا نار - ذكره قتادة - وقال البلخي: يجوز أن يكون أراد انهم يفعلون ذلك بحجة داحضة وأمر بعيد. وقال قوم:
يقذفون بالظن ان التوبة تنفعهم يوم القيامة عن مكان بعيد الا ان في العقل انها لا تقبل. ثم قال * (وحيل بينهم وبين ما يشتهون) * أي فرق بينهم وبين شهواتهم، من قبول توبتهم وايصالهم إلى ثواب الجنة أو ردهم إلى دار الدنيا * (كما فعل) * مثل ذلك * (باشياعهم من قبل) * وهو جمع الجمع تقول شيعة وشيع وأشياع، ولان أشياعهم تمنوا أيضا مثل ذلك فحيل بينهم وبين تمنيهم، ثم اخبر * (انهم كانوا في شك من ذلك) * في الدنيا * (مريب) * والريب أقبح الشك الذي يرتاب به الناس.
وقال سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير قوله " ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت " نزلت في الجيش الذي يخسف بهم بالبيداء فيبقى رجل يخبر الناس بما رآه، ورواه حذيفة عن النبي صلى الله عليه وآله

(١) مجاز القرآن 2 / 151
(٤٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 ... » »»
الفهرست