التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٢٥
الباقية من عصب كثيرة، وشر ذمة كل شئ بقيته القليلة، ومنه قول الراجز:
جاء الشتاء وقميصي اخلاق * شراذم يضحك منه التواق (1) وقال عبد الله بن مسعود: الشرذمة الذين قللهم فرعون من بني إسرائيل كانوا ستمائة ألف وسبعين ألفا، وإنما استقلهم، لأنه كان على مقدمته سبعة آلاف الف على ما قال بعض المفسرين. ثم قال " وانهم " مع قلتهم " لنا لغائظون " أي يغيظوننا بمخالفتهم إيانا، ويقال: جمع قليل وقليلون، كما يقال حي واحد، وواحدون.
ثم اخبر تعالى عن فرعون أنه قال لجنده " انا لجميع حذرون " منهم قد استعددنا لقتالهم.
ثم اخبر تعالى عن كيفية إهلاكهم بأن قال " فأخرجناهم " يعني فرعون وقومه " من جنات " وهي البساتين التي تجنها الأشجار " وعيون " جارية فيها " وكنوز " يعني أموال لهم مخبئة بعضها على بعض في مواضع غامضة من الأرض ومنه كناز التمر وغيره مما يعبأ بعضه على بعض " ومقام كريم " فالمقام الموضع الذي يقيمون فيه. ويجوز أن يكون مصدرا و " الكريم " هو الحقيق باعطاء الخير الجزيل، لأنه أهل للكرم، وهي صفة تعظيم في المدح: كرم كرما واكرمه إكراما، وتكرم تكرما. وقيل: المقام الكريم المنابر. وقيل مجالس الامراء والرؤساء: التي كان يحف بها الاتباع.
ثم قال تعالى " كذلك " أي مثل ذلك أي كما وصفنا لك اخبارهم " وأورثناها بني إسرائيل " أي نعم آل فرعون بأن أهلكنا آل فرعون وملكنا ديارهم وأملاكهم

(1) مر تخريجه في 6 / 328
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»
الفهرست