التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٢١٤
وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون (49) وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين) * (50) خمس آيات بلا خلاف.
قرأ أبو عمرو، وابن كثير، ونافع، وابن عامر، وحفص عن عاصم وقتيبة عن الكسائي " لولا أنزل عليه آيات من ربه " على الجمع لقوله " قل إنما الآيات ". وقرأ الباقون " آية " على التوحيد. ومعناهما واحد، لأنه لفظ جنس يدل على القليل والكثير. قال قتادة: الآية الأولى منسوخة بالجهاد والقتال. وقال غيره: هي ثابتة، وهو الأولى، لأنه لا دليل على ما قاله.
فكيف وقد أمر بالجدال بالذي هو أحسن، وهو الواجب الذي لا يجوز غيره كما قال " وجادلهم بالتي هي أحسن " (1) فالآية خطاب من الله تعالى لنبيه وجميع المؤمنين ينهاهم أن يجادلوا أهل الكتاب: من اليهود والنصارى " إلا بالتي هي أحسن " وقيل: معناه إلا بالجميل من القول في التنبيه على آيات الله وحججه والأحسن الاعلى في الحسن من جهة تقبل العقل له،. وقد يكون الاعلى في الحسن من جهة تقبل الطبع له، وقد يكون في الامرين، و (الجدال) فتل الخصم عن مذهبه بطريق الحجاج فيه. وفي ذلك دلالة على حسن المجادلة، لأنها لو كانت قبيحة على كال حال، لما قال " إلا بالتي هي أحسن ".
وأصل الجدال شدة الفتل، يقال: جدلته أجدله جدلا إذا فتله فتلا شديدا، ومنه الأجدل: للصقر لشدة فتل بدنه. وقيل: انه يجوز أن يغلظ

(1) سورة 16 النحل آية 125
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست