التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٢٠٨
يكون أراد وخافوا عقاب اليوم الآخرة بمعاصي الله، ويحتمل أن يكون أراد واطلبوا ثواب يوم القيامة بفعل الطاعات " ولا تعثوا في الأرض مفسدين " معناه لا تضطربوا بحال الجهالة يقال: عثى يعثي عثى، كقولهم عاث يعيث عيثا وفيه معنى الامر بالاستقامة، لأنه إنما يخرج عن اضطراب الجهال إلى الاستقامة، في الافعال. والفساد كل فعل ينافي العقل أو الشرع، فهو عبارة عن معاصي الله.
ثم اخبر أن قومه كذبوه في ادعائه النبوة ولم يقبلوا منه فعاقبهم الله بعذاب الرجفة، وهي زعزعة الأرض تحت القدم، يقال: رجف السطح من تحت أهله يرجف رجفا، ورجفة شديدة، والارجاف هو الاخبار بما يضطرب الناس لأجله من غير أن يحققونه " فأصبحوا في دارهم جاثمين " قال قتادة: ميتين بعضهم على بعض. وقيل: باركين على ركبهم، والجاثم البارك على ركبتيه مستقبلا بوجهه الأرض.
وقوله " وعادا وثمود " أي وأهلكنا أيضا عادا وثمود جزاء على كفرهم " وقد تبين لكم " معاشر الناس كثير " من مساكنهم ".
ثم اخبر أنه " زين لهم الشيطان اعمالهم " التي كفروا بها وعصوا الله فيها، وذلك يدل على بطلان قول المجبرة الذين ينسبون ذلك إلى الله.
ثم اخبر أن الشيطان صدهم ومنعهم عن طريق الحق " فهم لا يهتدون " إليه لاتباعهم دعاء الشيطان. وعدو لهم عن الطريق الواضح " وكانوا مستبصرين " أي وكانوا عقلاء يمكنهم تمييز الحق من الباطل بابصارهم له وفكرهم فيه. وقال مجاهد وقتادة " وكانوا مستبصرين " في ضلالتهم لعجبهم به، فتصوروه بخلاف صورته.
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست