التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٥
- بكسر العين - في كل اعوجاج كان في دين أو فيما لا يرى شخصه قائما ولا يدرك عيانا منتصبا كالعوج في الدين، ولذلك كسرت العين في هذا الموضع. وكذلك العوج في الطريق، لأنه ليس بالشخص المنتصب. فأما ما كان في الأشخاص المنتصبة فان عينها تفتح كالعوج في القناة والخشبة ونحوها.
وقال ابن عباس: معنى قوله " ولم يجعل له عوجا " أي لم يجعله ملتبسا. ولا خلاف بين أهل العربية ان قوله (قيما) وإن كان مؤخرا فتقديره إلى جنب الكتاب.
وإنما افتتح الله تعالى هذه السورة بذكر نفسه بما هو أهله، وبالخبر عن انزال كتابه على رسوله، ليخبر المشركين من أهل مكة بأن محمدا صلى الله عليه وآله رسوله، لان المشركين كانوا سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله عن أشياء لقنوها إياهم اليهود، من قريظة والنضير، وأمروهم أن يسألوه عنها، وقالوا: إن أخبركم بها فهو نبي، وإن لم يخبركم فهو مقتول، فوعدهم رسول الله صلى الله عليه وآله الجواب عنها، موعدا فأبطأ - على قول بعضهم - الوحي عنه بعض الابطاء وتأخر مجئ جبرائيل (ع) عنه، عن ميعاده القوم فتحدث المشركون بأنه أخلفهم موعده، وأنه مقتول، فأنزل الله هذه السورة جوابا عن مسائلهم، وافتتح أولها بذكره تكذيبا للمشركين فيما تحدثوا بينهم من أحدوثتهم - ذكر ذلك محمد بن إسحاق باسناده عن عكرمة عن ابن عباس - وكان الذين ذهبوا إلى اليهود وسألوهم عن أمر النبي صلى الله عليه وآله النضر بن الحارث بن كلدة، وعقبة بن أبي معيط، وكانت المسائل التي لقنوهم إياها: أن قالوا: سلوه عن ثلاثة أشياء، فان أخبركم بهن، فهو نبي مرسل، وإن لم يفعل فإنه مقتول، سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول، ما كان أمرهم؟ فإنه كان لهم حديث عجيب. وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها، ما كان نبؤه؟ وسلوه عن الروح ما هو؟ فان أخبركم بذلك فإنه نبي مبعوث، فاتبعوه، وإن لم يخبر كم فإنه مقتول. فرجعا إلى مكة
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»
الفهرست