التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٣٠
في الاستثناء.
وقيل سبب نزول ذلك أن قريشا لما جاءت وسألت النبي صلى الله عليه وآله عن قصة أصحاب الكهف وقصة ذي القرنين، فقال لهم: غدا أخبركم، فأبطأ عنه جبرائيل.
وقيل تأخر عنه أياما ثم أتاه بخبرهم. وهذا ليس بصحيح، لأنه لو كان كذلك بأن وعدهم بأن يخبرهم غدا ثم لم يخبرهم لكان كذبا، وهو منه محال. وقال إبراهيم: إذا حلف الحالف والكلام متصل فله استثناؤه إذا قال إن شاء الله. وقال الكسائي والفراء: التقدير: ولا تقولن لشئ اني فاعل ذلك غدا إلا أن تقول إن شاء الله فأضمر القول، وإنما كان الاستثناء مؤثرا إذا كان الكلام متصلا لأنه يدل على أنه يؤول كلامه، وإذا لم يكن متصلا فقد استقرت نيته وثبتت فلا يؤثر الاستثناء فيها. (1) وروي عن ابن عباس أنه قال: " رابعهم كلبهم " يعني راعيا يتبعهم، حكاه قطرب. وقال اخبر عن الكلب وأراد صاحبه، كقوله " واسأل القرية ". وإنما أراد أهلها. (وهذا لا يصح مع ظاهر قوله " وكلبهم باسط ذراعيه ") وقال الجبائي: لما اجتازوا على الراعي، فقال لهم أين تريدون قالوا: نفر بديننا، فقال الراعي: انا أولى بذلك، فتبعهم وتبعه الكلب. وفي أصحاب الحديث من يقول:
ان الكلب خاطبهم بالتوحيد والاعتراف بما اعترفوا به، ولذلك تبعهم. وهذا خرق عادة يجوز أن يكون الله فعله لطفا لهم، ومعجزة لبعضهم على ما حكي ان بعضهم كان نبيا، وهو رئيسهم، فيكون ذلك معجزة له، غير أنه ليس بمقطوع به.
وقوله " عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا " معناه قل يا محمد عسى ان يعطيني ربي من الآيات على النبوة ما يكون أقرب وأدل من قصة أصحاب الكهف.

(1) كان في هذه الفقرات المتقدمة وما بعدها، أخطاء كثيرة ونقص واضح في المطبوعة فصحح على المخطوطة ولكثرة الأخطاء نبهنا عليها جملة.
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست