التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٢٨
وقوله " ولا تستفت فيهم " يعني في أهل الكهف، وفى مقدار عددهم " منهم " يعني من أهل الكتاب " أحدا " ولا تستفهم من جهتهم. وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة.
وقوله " ولا تقولن لشئ اني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله " نهي من الله تعالى لنبيه ان يقول: اني افعل شيئا في الغد إلا أن يقيد قوله بمشيئة الله، فيقول:
إن شاء الله، لأنه لا يأمن اخترامه، فيكون خبره كذبا. وإذا قيده بقوله إن شاء الله، ثم لم يفعل، لم يكن كاذبا. والمراد بالخطاب جميع المكلفين، ومتى اخبر المخبر عن ظنه وعزمه بأنه يفعل شيئا فيما بعد ثم لم يفعل لا يكون كاذبا، لأنه اخبر عن ظنه وهو صادق فيه. وقال قوم: إلا أن يشاء الله، معناه إلا أن يشاء الله أن يلجئني إلى تركه. وقال الفراء: قوله " إلا أن يشاء الله " بمعنى المصدر، فكأنه قال إلا مشيئة الله والمعنى إلا ما يريده الله. وإذا كان الله تعالى لا يشاء إلا الطاعات فكأنه قال: لا تقل اني افعل إلا الطاعات وما يقرب إلى الله. هذا وجه حسن. ولا يطعن في ذلك جواز الاخبار عما يريد فعله من المباحات التي لا يشاؤها الله، لان هذا النهي ليس نهي تحريم، وإنما هو نهي تنزيه، لأنه لو لم يقل ذلك لما أتم بلا خلاف وإنما هو نهي تحريم فيما يتعلق بالقبيح فإنه لا يجوز أن يقول اني افعل ذلك بحال. والآية تضمنت أن لا يقول الانسان اني افعل غدا شيئا إلا أن يشاء الله. فأما أن يعزم عليه من ذكر ذلك، فلا يلزم المشيئة فيه إلا ندبا. بغير الآية.
وقوله " واذكر ربك إذا نسيت " قال الحسن: معناه انه إذا نسي أن يقول: إن شاء الله، ثم ذكر فليقل إن شاء الله. وقال ابن عباس: له ان يستثني ولو إلى سنة. وقال بعضهم: وله أن يستثني بعد الحنث إلا أنه لا تسقط عنه الكفارة في اليمين، إلا إن يكون الاستثناء موصولا بالاجماع. وقال الحسن له أن يستثني ما لم يقم من
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست