التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٤١
حسنت الجنة مرتفقا، فلذلك أنث الفعل، ومعنى " مرتفقا " اي مجلسا، وهو نصب على التمييز. ثم قال " واضرب لهم مثلا رجلين " أي اضرب رجلين لهم مثلا " جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل " أي جعلنا النخل مطيفا بهما يقال حفه القوم يريد إذا طافوا به " وجعلنا بينهما زرعا " اعلام بأن عمارتها كاملة متصلة لا يفصل بينهما إلا عمارة. واعلمنا أنهما كاملتان في تأدية كل حملها من غلتها، فقال " كلتا الجنتين آتت اكلها " أي طعمها وما يؤكل منها " ولم تظلم منه شيئا " أي لم تنقص بل أخرجت ثمرها على الكمال والتمام، قال الشاعر:
يظلمني ما لي كذا ولوى يدي * لوى يده الله الذي هو غالبه (1) أي ينقصني ما لي. وقال الحسن: معناه لم ينقص " وفجرنا خلالهما نهرا " أي شققنا نهرا بينهما، وفائدتهما أنهما يشربان من نهر واحد. " وكان له ثمر " وقرئ (ثمر) قال مجاهد هو ذهب، وفضة. وقال ابن عباس وقتادة: هو صنوف الأموال، يقال: ثمار وثمر مثل حمار وحمر، ويجوز أن يكون جمع ثمر، مثل خشب وخشب، وإنما قال " كلتا الجنتين آتت " على لفظ كلتا، لأنه بمنزلة (كل) في مخرج التوحيد. ولو قال آتتا، على الجنتين كان جائزا قال الشاعر في التوحيد:
وكلتاهما قد خط لي في صحيفتي * فلا العيش اهواه ولا الموت أروح (2) ويجوز كلاهما في الحديث قال الشاعر:
كلا عقبيه قد تشعث رأسها * من الضرب في جنبي ثقال مباشر والألف واللام في كلتا ليست ألف التثنية، ولذلك يجوز أن تقول الاثنتان

(1) مر تخريجه في 2 / 508 (2) البيت في مجمع البيان غير منسوب
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست