التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٠٣
والبشارة واحد. وقوله " في الحياة الدنيا " قيل فيه ثلاثة أقوال:
أحدها - قال قتادة والزهري والضحاك والجبائي: هو بشارة الملائكة عليهم السلام انها الرؤيا الصادقة الصالحة يراها الرجل أو يرى له. وقال أبو جعفر عليه السلام البشرى في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو يرى له وفي الآخرة الجنة. والثالث - بشرى القرآن بشرف الايمان - ذكره الفراء والزجاج وغيرهما. وقوله " لا تبديل لكلمات الله " معناه لا خلف لما وعد الله تعالى به من الثواب بوضع كلمة أخرى مكانها بدلا منها، لأنها حق والحق لا خلف له بوجه. وقوله " ذلك هو الفوز العظيم " إشارة إلى هذه البشرى المتقدمة بأنه الفوز الذي يصغر كل شئ في جنبه.
قوله تعالى:
ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا هو السميع العليم (65) آية.
ظاهر قوله " ولا يحزنك قولهم " ظاهره النهي والمراد به التسلية للنبي صلى الله عليه وآله عن قولهم الذي يؤذونه به. والنهي في اللفظ القول. وإنما هو عن السبيل المؤدي إلى التأذي بالقول. ومثله لا أراك ههنا والمعنى لا تكن ههنا فمن كان ههنا رأيته، فكذلك المراد بالآية لا تعبأ بالأذى فيمن عني به اذاه. وقوله " ان العزة لله جميعا " كسرت (إن) بالاستئناف بالتذكير لما ينفي الحزن لا انها مفعول القول لأنها ليست حكاية عنهم، لأنهم لم يقولوا ان العزة لله. ولا يجوز نصبها على أن تكون معمول القول لأنهم لو قالوه لما احزن ذلك النبي صلى الله عليه وآله ولو فتحت (ان) على معنى (لان) جاز. والعزة القدرة على كل جبار بالقهر بأن لا يرام ولا يضام عز يعز عزا فهو عزيز. والمعنى انه الذي يعزك وينصرك حتى تصير أعز ممن ناواك وقوله " هو السميع العليم " معناه انه يسمع قولهم ويعلم ضميرهم فيجازيهم بما تقتضيه حالهم ويدفع عنك شرهم.
(٤٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 ... » »»
الفهرست