التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٠٠
من " (1) وغير ذلك. ويجوز أن يعطف قوله " ولا أصغر " على " ذرة " فيكون التقدير وما يعزب عن ربك مثقال ذرة ولا مثقال أصغر، فعلى هذا لا يجوز الا الجر لأنه لا موضع للذرة غير لفظها، كما كان لقولك من مثقال ذرة موضع غير لفظه.
ولا يجوز على قراءة حمزة أن يكون معطوفا على (ذرة) كما جاز في قول الباقين لأنه إذا عطف على (ذرة) وجب أن يكون أصغر مجرورا، وإنما فتح، لأنه لا ينصرف وكذلك يكون على قول من عطفه على الجار الذي هو (من).
معنى قوله " وما تكون في شأن " ليس تكون في حال من الأحوال، لان الشأن والبال الحال نظائر وجمعه شؤون. والشأن معنى مفخم على طريق الجملة يقال: ما شأنك وما حالك وما بالك. وقوله " وما تتلو منه من قرآن " اي وليس تتلو من القرآن، فتكون الهاء كناية عن القرآن قبل الذكر لتفخيم ذكر القرآن، كما قال " إنه أنا الله العزيز الحكيم " (2) ويحتمل أن تكون الهاء عائدة على الشأن وتقديره وما يكون من الشأن. وقوله " وما تعملون من عمل الا كنا عليكم شهودا " اي ليس يخفى على الله شئ من اعمالكم بل يعلمها كلها ويشهدها.
والمشاهدة الادراك بالحاسة. والمشاهد المدرك بحاسة اي ذات يعني عن حاسة يقال:
شاهد وشهود وشهداء. وقوله " إذ تفيضون فيه " فالإضافة الدخول في العمل على جهة الانصباب إليه، وهو الانبساط إليه في العمل مأخوذ من فيض الاناء إذا انصب من جوانبه. ومنه قوله " أفضتم من عرفات " (3) اي تفرقتم كتفرق الماء الذي ينصب من الاناء. ومثله أفاض الماء عليه وأفاض في الحديث وقوله " وما يعزب عن ربك " فالعزوب الذهاب عن المعلون وضده حضور المعنى للنفس. وتعزب إذا انفرد عن أهله. وقال ابن عباس معنى لا يعزب لا يغيب. وقوله " من مثقال ذرة " فالذر صغار النمل واحده ذرة، وهو خفيف الوزن جدا. ومعنى مثقال ذرة وزن

(1) سورة 63 المنافقون آية 10 (2) سورة 27 النمل آية 9 (3) سورة 2 البقرة آية 198
(٤٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 ... » »»
الفهرست