التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤١
خلقه فيمكن أن يكون المراد بالآية من ذكرناه. وقال أبو جعفر عليه السلام وقتادة وابن جريج: الآية في أمة محمد صلى الله عليه وآله وهو مثل قوله تعالى " وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا " (1) فكما أنه لا يدل على وجود أئمة في كل وقت فكذلك ما قالوه.
قوله تعالى:
والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون (181) وأملي لهم إن كيدي متين (182) آيتان المعنى إن الذين كذبوا بآيات الله التي تضمنها القرآن والمعجزات الدالة على صدق النبي صلى الله عليه وآله وكفروا بها سنستدرجهم من حيث لا يعلمون استدراجا لهم إلى الهلكة حتى يقعوا فيها بغتة من حيث لا يعلمون، كما قال تعالى " بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها " (2) وقال: " فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون " (3) فيقولوا هل نحن منظرون؟ ويجوز أن يكون من عذاب الآخرة.
فأما من قال من المجبرة: إن معنى الآية أن الله يستدرجهم إلى الكفر والضلال فباطل، لان الله تعالى لا يفعل ذلك لأنه قبيح ينافي الحكمة، ثم إن الآية بخلاف ذلك لأنه بين أن هؤلاء الذين يستدرجهم كفار بالله ورسوله وبآياته، وانه سيستدرجهم في المستقبل لان السين لا تدخل إلا على المستقبل فلا معنى لقوله " إن الذين كفروا سنستدرجهم " إلى الكفر، لأنهم كفار قبل ذلك، ولا يجب في الكافر أن يبقى حتى يواقع كفر آخر، لأنه يجوز أن يميته الله تعالى، فبان بذلك أن المراد أنه سيستدرجهم إلى العذاب والعقوبات من حيث لا يعلمون في مستقبل أمرهم بقوا أو لم يبقوا.
على أن الاستدراج عقوبة من الله والله لا يعاقب أحدا على فعل نفسه كما لا يعاقبهم

(1) سورة 21 الأنبياء آية 73 (2) سورة 21 الأنبياء آية 40 (3) سورة 26 الشعراء آية 202
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست