التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٧٢
قوله تعالى:
فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فانى تصرفون (32) آية.
" ذلك " إشارة إلى اسم الله الذي ذكره في الآية الأولى، ووصفه بأنه الذي يخرج الحي من الميت من الحي ويرزق الخلق من السماء والأرض. و (الكاف والميم) للمخاطبين، وإنما جمع لأنه أراد جميع الخلق، فأخبر الله تعالى ان الذي وصفه في الآية الأولى هو " الله ربكم " الذي خلقكم ويملك تصرفكم. وإنما وصفه بأنه " الحق " لأنه له معنى الإلهية دون غيره من الأوثان والأصنام، وهو الرب تعالى وحده.
وقوله " فماذا بعد الحق إلا الضلال " صورته صورة الاستفهام والمراد به التقرير على موضع الحجة، لأنه لا يجد المجيب محيدا عن الاقرار به إلا بذكر ما لا يلتفت إليه، وكلما تدعو إليه الحكمة على اختلافه فهو حق، والمراد انه ليس بعد الاقرار بالحق والانقياد له إلا الضلال والعدول عنه. وقوله " فأنى تصرفون " أي كيف تصرفون وتعدلون عبادته مع وضوح الدلالة على أنه لا معبود سواه والصرف هو الذهاب عن الشئ، فالصرف عن الحق ذهاب إلى الباطل، وقد أنكر الله ذلك. وفيه دلالة على أنه من فعل غيره من الغواة لأنه لو كان من فعله لما أنكره كما لم ينكر شيئا من أفعال نفسه.
قوله تعالى:
كذلك حقت كلمت ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون (33) آية
(٣٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 ... » »»
الفهرست