التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ١٨٠
منهما يقتضي هذا. وإنما أعيد ذكر " لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة " لأنه في صفة " والذين اشتروا بآيات الله ثمنا " والأول في صفة جميع الناقضين للعهد. وقال في الثاني " فان تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فاخوانكم في الدين "، فلذلك كرر بوصفين مختلفين. وقال الجبائي: لأنه في صفة اليهود خاصة، والأول في صفة الناقضين عامة، وإنما ذموا بترك المراقبة، لان مع تركها الغالب ان يقع إخلال بما تقدم من العقد، فلزمت المراقبة لهذه العلة. وترك المراقبة في عهد المؤمن أعظم منها في ترك عهد غيره لكثرة الزواجر عن الغدر بالمؤمن، لأنه ليس من شأنه الغدر.
اخبر الله تعالى عن هؤلاء المشركين انهم لا يراعون في المؤمن عقد العهد ولا ذمة الجواز، وانهم مع ذلك معتدون. والاعتداء الخروج من الحق واصله المجاوزة، ومنه التعدي وهو تجاوز الحد ومعاداة القوم مجاوزة الحد في البغضة وكذلك العداوة. والاستعداء طلب معاملة العدو في الايقاع به، والعدو مجاوزة حد السعي. والغرض بالآية حث المسلمين على قتالهم، وأن لا يبقوا عليهم كما أنهم لو ظهروا على المسلمين لم يبقوا عليهم.
قوله تعالى:
فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فاخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون (12) آية.
شرط الله لهؤلاء المشركين بأنهم إن تابوا ورجعوا عما هم عليه من الشرك إلى طاعة الله والاعتراف بوحدانيته، والاقرار بالنبي صلى الله عليه وآله، وأقاموا الصلاة المفروضة على ما شرعها الله وأعطوا الزكاة الواجبة عليهم، فإنهم يكونون اخوان المؤمنين في الدين، والايمان وتقديره فهم اخوانكم. والتوبة هي الندم على القبيح لقبحه مع العزم على ترك العود إلى مثله في القبح، وفي الناس من قال إلى مثله في صفته
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»
الفهرست