التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ١١١
حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم (32) آية بلا خلاف.
تقديره واذكر يا محمد إذ قال هؤلاء الكفار " إن كان هذا " القرآن " هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب اليم " شديد مؤلم.
قال سعيد ابن جبير، ومجاهد: كان الطالب لذلك النضر بن الحارث بن كلدة لأنه كان سمع سجع أهل الحيرة وكلام الرهبان، فقتله النبي صلى الله عليه وآله يوم بدر صبرا فقال: يا رسول الله من للصبية؟ قال النار وقيل عقبة بن أبي معيط، والمطعم بن عدي، قتل هؤلاء الثلاثة صبرا من جملة من أسر، وفي النضر نزل قوله " سأل سائل بعذاب واقع للكافرين " (1) يعني ما سأله ههنا. وهذا القول من قائله يجوز أن يكون عنادا، فان المعاند قد تحمله شدة عداوته للحق على اظهار مثل هذا القول. ليوهم انه على بصيرة في أمره. ويجوز أن يكون ذلك لشبهة تمكنت في نفوسهم.
وقال الجبائي: ذلك دليل على اعتقادهم خلاف الحق الذي اتى به النبي صلى الله عليه وآله وهو حجة أهل المعارف، لأنهم لو عرفوا بطلان ما هم عليه، لما قالوا مثل هذا القول.
فان قالوا كيف طلبوا بالحق من الله العذاب وإنما يطلب به الخير والثواب؟.
قلنا: لأنهم قالوا ذلك على أنه ليس بحق من الله عندهم. وإذا لم يكن حقا من الله لم يصبهم البلاء الذي طلبوه.
فان قيل لم قالوا " أمطر علينا حجارة من السماء " والأمطار لا يكون إلا من السماء؟ قلنا عنه جوابان:
أحدهما - أن أمطار الحجارة يمكن أن يكون من عل دون السماء.
والثاني - أن يكون على حجة البيان ب‍ (من).

(1) سورة 70 المعارج آية 1 - 2
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»
الفهرست