التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ١١٠
فإذا علي، قالوا له أين صاحبك؟ قال: لا أدري، فتركوه وخرجوا في أثره.
قوله تعالى:
وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين (31) آية.
اخبر الله تعالى عن عناد هؤلاء الكفار ومباهتتهم للحق بأنهم بلغوا في ذلك إلى رفع الحق بما ليس فيه شبهة. وهو أنه " إذا تتلى عليهم آياته " يعني القرآن قالوا " لو نشاء لقلنا مثل هذا " وقد أبان التحدي كذبهم في ذلك وتخرصهم فيه بما ظهر من عجزهم عن سورة مثله، وإنما قالوا " لو نشاء لقلنا مثل هذا " ولم يجز أن يقولوا لو نشاء لقلبنا الجماد حيوانا، لأنه يتموه هذا على كثير من الناس ولا يتموه ذلك، على أن قوم فرعون ظنوا أن السحرة يمكنهم قلب الجماد حيوانا.
وقوله " قد سمعنا " معناه أدركناه بآذاننا. والسماع إدراك الصوت بحاسة الاذن، ولو لم نذكر الصوت لانتقض بالحرارة والبرودة والآلام واللذة إذا أدرك بها، ولا يسمى سماعا. وعلى هذا إذا قيل: ما الرؤية بالبصر؟ ينبغي أن يقال: هي ادراك المرئيات بها، لأنه قد يدرك الحرارة والبرودة بها. فإذا قلنا المرئيات لم ينتقض بذلك.
ثم أخبر الله تعالى عن قولهم بأن قالوا ليس هذا الذي سمعناه " إلا أساطير الأولين " والأساطير جمع واحده أسطورة في قول الزجاج. وقال غيره: هو جمع أسطر، وأسطر جمع سطر، وزيدت الياء للمد، كما قالوا دراهم، وأرادوا ما هذا إلا ما سطره من الأحاديث بكتبه سطرا بعد سطر.
قوله تعالى:
وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست